مصلحة أقوى أو ذا مانع من تأثير المفسدة ـ ولذا جعلت الاباحة ـ لا ربط له بكون الفعل بعنوان نفسه ذا مصلحة أضعف من المفسدة القائمة به بعنوان عرضي آخر له.
وأما محذور اجتماع الإباحة الفعلية مع الحرمة الواقعية ، وأنه هل هو من قبيل اجتماع الضدّين أم لا؟ فهو أمر آخر لا ربط له بهذا القياس المعمول لتصحيح الأمر وصحّة العبادة.
ـ قوله [قدّس سرّه] : ( بناء على تبعية الأحكام لما هو الأقوى من جهات ... الخ ) (١).
وهو أقوى الوجهين لما مر مرارا (٢) : أنّ الإنشاء بلا داع محال ، والإنشاء بغير داعي البعث ـ وجعل الداعي من سائر الدواعي ـ لا يكون فعليته إلاّ فعلية الإرشاد أو جعل القانون ونحوهما ، ولا يعقل أن ينقلب عما هو عليه ، فيصير بعثا وزجرا حقيقيا ، وإذا فرض عدم ترقّب فعلية البعث من الإنشاء المتعلّق بالصلاة لفرض استحالة الاجتماع ، وغلبة ملاك النهي عن الغصب ، فلا محالة لا معنى لأصل الإنشاء بداعي جعل الداعي نحو الصلاة ، فليس هناك إلاّ الإنشاء بداعي الزجر عن الغصب.
ولكن حيث إن الإنشاء بداعي الزجر عن الغصب ـ ايضا ـ لا يترقّب منه فعلية الزجر مطلقا حتى مع الجهل والنسيان ؛ لاستحالة الزجر الحقيقي مع إحدى الحالتين ، فلا محالة لا مزاحم لإنشاء البعث نحو الصلاة في تلك الحالتين ، فيصحّ الإنشاء بداعي البعث نحو الصلاة المتّحدة مع الغصب على تقدير عدم
__________________
(١) كفاية الاصول : ١٥٧ / ٣.
(٢) كما في التعليقة : ١٠٠ ، وفي التعليقة : ١٥٩ من هذا الجزء عند قوله : ( وغاية ما يتصوّر ... ).