ماهوي ، وله وجود ممتاز بنفس هوية الوجود عن سائر الهويّات ، فلا مجال للتردّد في الموجود ـ بما هو موجود ـ وإنما يوصف بالتردّد بلحاظ علم الشخص وجهله ، فهو وصف له بحال ما يضاف إليه ، لا بحال نفسه.

وأما حديث تعلّق العلم الإجمالي بأحد الشيئين ، فقد أشرنا سابقا (١) إلى أنّ العلم يتشخّص بمتعلّقه ، ولا يعقل التشخّص بالمردّد مصداقا بما هو كذلك ؛ إذ الوحدة والتشخّص رفيق (٢) الوجود يدوران معه حيث ما دار ، فمتعلّق العلم مفصّل دائما ، غاية الأمر أن متعلّق متعلّقه مجهول أي غير معلوم ، وضم الجهل إلى العلم صار سببا لهذا الاسم ، وإلاّ لم يلزم قيام صفة حقيقية بالمردّد ؛ بداهة أن

__________________

تحقّق تلك الصفة المتقوّمة به.

وثانيهما : أنّ تعلّق الصفة بالمردّد يلزمه أمر محال ، وهو تردّد المعيّن أو تعيّن المردّد ، وكلاهما خلف.

ومما ذكرنا تبيّن : أنّ منشأ الاستحالة ليس توهّم أن العرض يحتاج إلى موضوع ، والموجود في الخارج معيّن لا مردّد ؛ حتى يقال بأنّ المحال تعلّق العرض المتأصّل بالمردّد ، دون الاعتباري كالملكية ، كما عن شيخنا العلاّمة الانصارى (أ)(قدس سره) في بيع أحد صيعان الصبرة مردّدا ، أو يقال بأنّ العلم من أجلّ الصفات الحقيقية ، وهو في الإجمالي متعلّق بالمردّد ، كما عن شيخنا العلامة (قدس سره) في هامش الكتاب(ب)، أو يقال كما عن بعض أجلّة العصر(ج) بالفرق بين الإرادة التكوينية المؤثّرة في وجود الفعل المساوق لتعيّنه والإرادة التشريعية التي لا تؤثر في وجود الفعل ؛ لما مرّ من أنّ نفس تعلّق الصفة مطلقا محال من وجهين أجنبيين عن كلّ ما تخيّلوه في وجه الاستحالة ، فتدبّر جيّدا. [ منه قدس سرّه ].

(١) في التعليقة : ٥٩.

(٢) كذا في الاصل ، والصحيح : رفيقا الوجود ...

__________________

(أ) المكاسب : ١٩٥.

(ب) الكفاية : ١٤١ هامش : ١.

(ج) وهو المحقّق النائيني (قدس سرّه) كما في أجود التقريرات ١ : ١٨٣ ـ ١٨٤.

۵۱۰۱