فيتأخّر عنه الأمر بالمهمّ طبعا ، لكن ترك الأهمّ لا تأخّر له عن الأمر بالأهمّ ، كتأخّر عنوان عصيان الأمر عن الأمر.

وتأخّر الفعل ـ الذي هو معلول للأمر به تأخّر المعلول عن العلّة بالعلّية ـ لا يقتضي تأخّر نقيضه عن الأمر بالأهمّ ؛ لما مرّ مرارا : أن التأخّر والتقدّم لا يكون إلاّ بملاك يقتضيهما ، ووجود المعلول له الاستناد إلى العلّة ، فلها التقدّم بالعلّية ، وأما عدم المعلول فليس له الاستناد إلى علّة الوجود ؛ كي يكون لها التقدّم بالعلّية عليه ، وتقدّم عدمها على عدمه تقريبا لا دخل لتقدّم وجودها عليه.

وعلى هذا فلا تقدّم ولا تأخّر للأمر بالأهمّ والأمر بالمهمّ ، ولا أظنّ أن يكون نظره الشريف ـ قدس سرّه اللطيف ـ إلى التقدّم والتأخّر الطبعيين الرتبيين (١) ، بل نظره (قدس سره) ـ كما ترشد إليه عبارته ـ إلى أنّ الأمر بالأهمّ لإطلاقه الذاتي متحقّق كلّما تحقّق الأمر بالمهمّ ، والأمر بالمهمّ لا يتحقّق كلّما تحقّق الأمر بالأهمّ ، ولكنّك قد عرفت ما يتعلّق بالمقام من النقض والإبرام في الحاشية المتقدّمة.

١٢٤ ـ قوله [قدّس سرّه] : ( مع أنه يكفي الطرد من طرف الأمر بالأهمّ ... الخ ) (٢).

المطاردة من الطرفين ـ كما هو صريح العبارة ـ مبنيّة على كون الملاك فعلية الأمرين ، وقد مرّ الكلام فيه ، وأما الطرد من طرف الأمر بالأهمّ فقط فليس بذلك الملاك ، بل يمكن أن يوجه بوجه آخر :

وهو أنّ تمامية اقتضاء الأمر بالمهمّ ؛ حيث إنها بعد سقوط مقتضي الأهمّ عن التأثير ، فلا يعقل أن يزاحمه في التأثير ، لكن الأمر بالأهمّ لم يسقط بعدم

__________________

(١) في الاصل : الطبعي الرتبي ...

(٢) كفاية الاصول : ١٣٥ / ١٣.

۵۱۰۱