الغيري ، وإلاّ لم يكن ممكن أبدا ؛ إذ الماهية تكون حال وجودها واجبة بالغير ، وحال عدمها بعدم العلة ممتنعة بالغير ، فمتى تكون ممكنة ذاتا ووقوعا؟!
ومنه علم : أنّ الأمر بطرد العدم البديل مع تحقّق العدم البديل ـ بمعنى جعل ما يمكن أن يكون مقتضيا لطرده ـ معقول وإن امتنع طرده بالغير.
كما أنه تبيّن : أنّ قياس الإرادة التشريعية بالإرادة التكوينية ـ من حيث عدم إمكان إرادتين تكوينيتين مترتبتين ـ باطل ، فإنه مع الفارق ؛ لأنّ الإرادة التكوينية هي الجزء الأخير من العلّة التامّة للفعل ، فلا يعقل إناطة إرادة اخرى بعدم متعلّق الاولى مع ثبوتها ، بخلاف الإرادة التشريعية ، فإنها ليست كذلك ، بل الجزء الأخير لعلة الفعل إرادة المكلف ، فهي من قبيل المقتضي ، وثبوت المقتضي مع عدم مقتضاه لا مانع منه.
وخلوّ الزمان وإن كان شرطا في تاثير المقتضي أثره ، إلاّ أنّ خلوّه عن المزاحم في التأثير شرط ، لا خلوّه عن المقتضي المقرون بعدم التأثير ، فإمّا لا اقتضاء لأحدهما ، وإمّا لا مزاحمة للمقتضي.
وربما يتوهّم هنا شبهة اخرى : وهي اختلاف المتلازمين في الحكم الفعلي ؛ لأنّ نقيض الأهمّ ـ الملازم لفعل المهمّ ـ حرام ؛ لاقتضاء الأمر بالشيء حرمة ضدّه العامّ الذي ليس فيه كلام ، مع أنّ فعل المهمّ واجب ، وقد تقدّم سابقا : عدم معقولية اختلافهما في الحكم ، وإن لم نقل بسراية حكم أحد المتلازمين إلى الآخر.
ويندفع : بأنّ الكلام في الضدّين اللذين لهما ثالث ، وإلاّ فوجود أحدهما ملازم قهرا لعدم الآخر وبالعكس ، فلا معنى للحكم على ملازمه رأسا وفيما كان لهما ثالث وإن سلمنا التلازم ، إلاّ أنّ المانع من اختلاف المتلازمين في الحكم اللزومي لزوم التكليف بما لا يطاق ، وهذا المحذور غير جار هنا ؛ لأنّ الإتيان بالأهمّ رافع لموضوع امتثال الأمر بالمهمّ ، وبعد اختيار عصيان الأمر بالأهمّ وثبوت العصيان ليس الحكم اللزومي بالمهمّ إلقاء له فيما لا يطاق ، فاختلاف