مع أنه لو لم يكن مانع من جعل شيء شرطا إلاّ خروج المشروط عن كونه مجعولا تشريعيا ـ فحيث إن الشرط مجعول فحدوث الحكم واقعا بتبع
__________________
متضايفان ، لا علّية بينهما ، وإنما العلّية بين ذاتيهما ، كما في كل علّة ومعلول.
وبعد ما تبيّن أن هذا المعنى من العلية لا موقع له إلاّ مرحلة التكليف المجعول ، فمقام ذاته هذه المرحلة التي هي عين الجعل التشريعي ، فلا يخرج البعث الذي هو مجعول تشريعي عن كونه مجعولا تشريعيا بترتّبه على أمر كان ترتّبه عليه بالجعل ، وإنّما يخرج عن الأصالة إلى التبعية ، كما أن العلية الجعلية حيث أنها مجعولة بنفس الكلام الإنشائي ؛ لأنّ حقيقتها انتزاعية ، إنما لا تقبل الجعل الاستقلالي ، لا الجعل التبعي كما في كلّ أمر انتزاعي ، فإن جعله بتبع جعل منشأ انتزاعه أو مصحّح انتزاعه.
ومن جميع ما ذكرنا تبين : أنه لا مانع من وساطة المسمّى بالشرط للثبوت ، فلا حاجة إلى إرجاعه إلى الموضوع بجعله عنوانا للمكلف ، مع أنّ إرجاعه إلى الموضوع لا يخرجه عن العلية ، فإنّ دوران الحكم مدار الموضوع لا يكون إلاّ بنحو من العلّية ، فإنّ التلازم بين شيئين لا يكون إلاّ بعلية ومعلولية او المعلولية لعلة واحدة.
توضيحه : أنّ الحكم ـ من حيث تقوّمه بأطرافه من الحاكم ، والمحكوم به ، والمحكوم عليه ـ نظير الأعراض النسبية ، فإنها تتوقّف على موضوعاتها وعلى الخارج عنها ، فإنّ مقولة الأين ـ وهو الكون في المكان ـ له قيام بالكائن فيه قيام العرض بموضوعه ، وله تعلّق بالمكان بحيث لولاه لا يعقل الكون الأيني ، والموضوع والطرف للنسبة الخاصّة بمنزلة الشرط لوجود هذه المقولة ، ولا نعني بالشرطية إلاّ أنه لا بدّ منه في تحقّقه بسببه ، فكذا المكلّف بعنوانه طرف البعث النسبي بحيث لا بدّ منه في تحقّقه بإنشائه من فاعله ، فلا بدّ من فرض وجوده في فرض وجود البعث ، كما لا بدّ من تحقّقه خارجا في موقع خروجه من حدّ الفرض والتقدير إلى حدّ الفعلية والتحقيق.
ومما ذكرنا يظهر : أن إتعاب النفس في إخراج الشرائط عن كونها وسائط ، وإدراجها تحت عنوان الموضوع بلا وجه أصلا ، وسيأتي ـ إن شاء الله تعالى ـ أنّ الأثر المترقّب من جعلها موضوعات الأحكام ـ وهو عدم خروج الواجب المشروط عن كونه مشروطا بتحقّق شرطه ـ لا يدور مدار الموضوعية ، بل مترتّب على إبقائه على ظاهره من كونه معلّقا عليه ، فانتظر. [ منه قدّس سره ]. ( ق. ط )