على هذا التقدير ومبنيّا عليه ، ومقتضاهما ـ حينئذ ـ ضد الجمع ؛ لعدم وقوعهما ـ حينئذ ـ على صفة المطلوبية لو كانا ممكني الجمع في حدّ ذاتهما.
ومنها : أنّ إطلاق كل واحد من الخطابين بالإضافة إلى حالتي فعل الآخر وتركه ، هو الذي يوقع المكلف في كلفة الجمع بين الضدين ؛ بحيث لو لم يكن لهما إطلاق لم يلزم منه محذور ، فإذا رتّب أحدهما على عصيان الآخر ؛ لم يلزم منه محذور طلب الجمع المحال.
والشاهد عليه : أنه إذا فرض الفعلان ـ في حدّ ذاتهما ـ ممكني الجمع ، كقراءة القرآن والدخول في المسجد ، فإنه لو لا الترتّب يقعان على صفة المطلوبية عند اجتماعهما ، ولا يقعان على صفة المطلوبية مع ترتّب طلب أحدهما على عدم الآخر ، فعدم وقوعهما على صفة المطلوبية برهان إنّي على عدم مطلوبية الجمع ، وإلاّ لما ذا لم يقعا على صفة المطلوبية في فرض وقوعهما خارجا؟! كما أنّ استلزام وقوعهما على صفة المطلوبية لوجود الشيء مع فرض ما اخذ علّة لعدمه ، برهان لمّي على عدم مطلوبية الجمع ؛ إذ المفروض إناطة مطلوبية المهمّ بعدم الأهمّ ، ففعل الأهمّ كالعلّة لعدم المطلوبية في المهمّ ، فتحقّق مطلوبية المهمّ مع تحقّق علّة عدمها ، هو المحال المستلزم لاستحالة لازمه ، وهو طلب الجمع.
وبالجملة : عدم مطلوبية الجمع ـ الذي هو مقتضى الترتّب ـ وتضادّ الامتثالين ـ الذي هو مقتضي الترتّب ـ يستحيل أن يكون مانعا (١) عن الترتّب ، فإن مقتضي الشيء لا يعقل أن يكون مانعا عن تأثيره (٢).
__________________
(١) كذا في الأصل ، والظاهر أنه ينبغي ان تكون العبارة هكذا : ... يستحيل أن يكونا مانعين عن الترتّب.
(٢) يمكن أن تقرأ الكلمة ـ بحسب نسخة الأصل ـ ( مقتضى الشيء ) و ( مقتضي الشيء ) ، فالتعليل المذكور ـ على أيّ من التقديرين ـ راجع لأحد المستحيلين ، والمفروض أنه يعلّل