قربا ولا بعدا ، ولا تقتضي ثوابا ولا عقابا (١).
فغاية ما يقتضيه طلب الترك المقدّمي عدم طلب الفعل.
وأجبنا عنه هناك (٢) : بأنّ المتقرّب به وإن لم يكن في نفسه مبعدا ، لكنه مقدّمة للمبعّد ، ولا يمكن التقرّب بما يكون مقدّمة للمبعّد ، كما لا يمكن التقرّب بالمبعّد ، إلاّ إنّه مع ذلك لا يدفع المحذور هنا ؛ لأن الفعل العبادي وان كان مبغوضا بالعرض لمحبوبية تركه المقدّمي ، لكن الفعل ليس مقدّمة لمبغوض مبعّد ؛ حتى لا يمكن التقرّب بمقدّمة المبعّد ؛ إذ لا يقول أحد بمقدّمية فعل لترك ضدّه للزوم الدور.
نعم الفعل العبادي مبغوض عرضي ملازم لمبغوض عرضي ، وهو ترك الأهمّ ، وهو لا يمنع عن التقرّب جزما ، وإلاّ لكان البحث عن المقدّمية لغوا محضا ؛ لأن الملازمة المسلّمة كافية في فساد العبادة ؛ إذ المؤثّر في فسادها حينئذ ملازمتها للمبغوض ، فلا يصحّ التقرّب بها ، لا كونها مبغوضا عرضيا.
وربما يتخيّل صحّة العبادة مع مبغوضية ما هو نقيض الترك المقدّمي من وجه آخر ، وسيجيء الكلام فيه إن شاء الله تعالى.
١٢١ ـ قوله [قدّس سرّه] : ( بنحو الشرط المتأخّر أو البناء على معصيته ... الخ ) (٣).
ظاهره (قدس سره) أنّ شرطية نفس العصيان لا تكون إلاّ بنحو الشرط المتأخّر دون المتقدّم والمقارن ، بخلاف شرطية البناء والعزم على العصيان ، فإنّه
__________________
(١) وذلك في التعليقة : ٢٢٠. من هذا الجزء.
(٢) نفس التعليقة السابقة.
(٣) كفاية الاصول : ١٣٤ / ٨.