الشديد والضعيف نوعان بسيطان متباينان ـ نظرا إلى عدم معقولية التشكيك في الذاتيات وأصالة الماهية ـ أو مرتبتان من حقيقة واحدة ، وكان الشدة والضعف في نحو وجودها ، فإن المنع من الترك ، أو كراهة الترك ، أو عدم الرضا بالترك ، أو عدم الإذن في الترك كلها لوازم الشدة لا عينها ، وإلاّ فمن الواضح أن كراهة الترك أو أمرا آخر ـ وجوديا كان أو عدميّا ـ ليس شدّة في حقيقة الطلب ، فإنّ غير الحقيقة لا يوجب اشتداد حقيقة اخرى ، مضافا إلى أنّ الكراهة صفة اخرى تقابل الإرادة ، فلا يعقل أن تكون مقوّمة لها ، والمنع من الترك من الاعتبارات المنتزعة من الإنشاء ، فلا يعقل أن يكون مقوّما للصفة النفسانية ، وعدم الرضا وعدم الإذن لا يقوّمان (١) الحقيقة البسيطة الثبوتية.
وأما الضعف في الإرادة أو في سائر موارد التشكيك ، فراجع إلى حدّ من الوجود يلزمه عدم وجدان مرتبة الفوق ، لا أنّ الحدّ بنفسه عدمي.
ومن جميع ذلك ظهر : أنّ هذه المعاني من لوازم الوجوب ، لا من مقوماته.
١١٨ ـ قوله [قدّس سرّه] : ( ضرورة أن اللزوم يقتضي الاثنينية ... الخ ) (٢).
اللزوم إنما يقتضي الاثنينية بحسب المفهوم ، وأما بحسب الصدق فيتبع كون اللازم من لوازم الوجوب ـ حتى يتخلّل الجعل بينه وبين الملزوم ـ أو كون اللازم من لوازم الماهية كالزوجية للأربعة ؛ حتى لا يعقل تخلّل الجعل ، فيكون جعل الملزوم جعلا للازمه وينتزع لازمه منه ، فمجرّد عدم كون الشيء من مقوّمات شيء ـ بل كونه من لوازمه ـ لا ينافي الاتحاد والعينية.
__________________
(١) في الأصل : لا يقوّم ..
(٢) كفاية الاصول : ١٣٣ / ١٠.