العلّة الفاعلية ، فتكون من مصحّحات فاعلية الفاعل ، فيكون المقتضي المقترن بكذا تامّ الفاعلية ، واخرى تؤخذ في طرف المعلول ، فيكون من متمّمات قابلية القابل ، فيكون المحلّ المتقيّد بكذا قابلا لأثر العلّة الفاعلية ، فنقول :

عدم الضدّ بناء على مقدّميته لوجود الضدّ لا بدّ من أن يكون بنحو الشرطية ؛ بداهة أن الوجود لا يترشّح من العدم فهو لا محالة إمّا متمّم قابلية القابل ، أو مصحّح فاعلية الفاعل.

ومن البيّن : أن المحلّ غير قابل بالذات لكلا الضدّين ، وعدم القابلية من ذاتيات المحلّ ، كما أنّ من الواضح : أنّ المحلّ قابل لكلّ منهما بما هو ، فالمحلّ المشغول بالضدّ لا يقبل ضدّا آخر معه ، لا ضدّا آخر بدلا عنه وقائما مقامه ، والأوّل محال لا يتمّ قابليته بشيء ، والثاني ممكن لا نقص في قابليته (١) كي يتم بشيء.

وأما كون عدم الضدّ مصححا لفاعلية الضدّ الآخر فلا معنى له ؛ إذ الضدّ ليس فاعلا كي تكون تماميته في فاعليته موقوفة على عدم ضدّه ، بل الضدّ مفعول لعلّته وسببه ، فلو كان دخيلا في فاعلية الفاعل لكان دخيلا في تمامية سبب ضده ، فيخرج عن المبحوث عنه ؛ لأنّ الكلام في مقدّمية عدم الضدّ لوجود ضدّه ؛ حتى

__________________

(١) قولنا : ( والثاني ممكن لا نقض في قابليته .. إلخ ).

لا يقال : وجود الشرط مفروض هنا ، لا أنه غير محتاج إليه.

لأنا نقول : إذا كان عدم الضدّ ملحوظا في أصل قابلية القابل ، كان مفروض الثبوت ، مع أنه غير معقول ؛ إذ المحلّ لا يتأثّر إلاّ بنفس البياض ، لا البياض المتقيّد بعدم السواد ، فلا يكون قابليته إلاّ بالإضافة إلى ما يتأثّر به ، وبعد خروج عدم السواد عن مرحلة القابلية ، وأن المحلّ قابل لذات المقبول ـ وهو البياض مثلا ـ فلا نقص حتى يحتاج إلى تتميمه في مرحلة الفعلية ، كما في الجسم بالنسبة إلى احتراقه بالنار ، فإن المحلّ قابل لذات الحرقة الحالّة فيه ، مع أن فعلية الحرقة في المحلّ القابل لها في نفسها تتوقّف على الوضع والمحاذاة وأشباههما ، فلذا بعد الفراغ عن أصل القابلية يحتاج فعلية التأثر إلى شيء [ منه قدّس سرّة ].

۵۱۰۱