المولى من عدمه بعد إيجاب ذي المقدّمة ، فقد أشرنا سابقا إلى دفعه : من أن الإيجاب بالاختيار لا ينافي الاختيار ، فإن العلّة المتأصّلة فيهما واحدة ، فإذا تمّت تلك العلّة وبلغت حدّ الوجوب وجد معلولها قهرا ، وهو عين الإيجاد بالإرادة والاختيار ، وإلاّ لزم صدور المعلول عن غير علّته التامّة ، أو إمكان انفكاك المعلول عن علّته التامّة.
وبالجملة : حال الوجوب المقدّمي كحال الوجوب النفسي إشكالا وجوابا. فافهم واستقم.
٩٩ ـ قوله [قدّس سرّه] : ( نعم لو كانت الدعوى هي الملازمة ... الخ ) (١).
بل الدعوى في خصوص مرتبة الفعلية (٢) ، فإنّ الوجدان والبرهان ليس إلاّ على استلزام إرادة ذي المقدّمة لإرادة المقدّمة ، وعلى استلزام البعث الحقيقي نحوه للبعث الحقيقي نحوها ، بلا نظر إلى مرتبة الإنشاء بما هي إنشاء ؛ بداهة عدم الوجدان والبرهان في مثلها.
__________________
(١) كفاية الاصول : ١٢٦ / ٥.
(٢) قولنا : ( بل الدعوى في خصوص ... إلخ ).
يمكن توجيه كلامه ـ زيد في علو مقامه ـ بإرادة الإنشاء بداعي جعل الداعي من الواقع ، لا الإنشاء بما هو أو بداع آخر ، فإنه لا موجب للتلازم فيه وإرادة البعث الحقيقي المتقوّم بالوصول من الفعلية ، وحينئذ فثبوت الملازمة بين الواقعين بهذا المعنى لا ينافي عدمها في مرتبة الفعلية لتقوّمها بالوصول ، فحيث إن الوجوب النفسي وصل صار فعليا ، وحيث إن الوجوب المقدّمي لم يصل فلا يصير فعليا عقلا ، بل يصحّ التعبّد بعدمه فعلا ؛ نظرا إلى أنه إيصال لعدمه ، فمورد التلازم غير مورد التعبد.
نعم من يرى الفعلية المطلقة على نحو لا يتقوّم بالوصول ومع ذلك التزم بالملازمة ، لا يتمكن من إجراء الأصل إلاّ بجعله حجّة على عدم الملازمة ، كما يوافقه بعض نسخ الكتاب ، وهو هكذا