٦٨ ـ قوله [قدّس سرّه] : ( ولذا اعترف بالاجتزاء بما لم يقصد ... الخ ) (١).
__________________
أحدهما ـ رجوع الحيثيات التعليلية إلى الحيثيات التقييدية في الأحكام العقلية ، فالتوصّل هو الواجب بحكم العقل لا الشيء لغاية التوصّل.
ثانيهما ـ أن التوصّل إذا كان بعنوانه واجبا فما لم يصدر هذا العنوان عن قصد واختيار لا يقع مصداقا للواجب ، وإن حصل منه الغرض مع عدم القصد والعمد إليه.
ويمكن الاعتراض على كلا الأمرين : أما على الأوّل : فبالفرق بين الأحكام العقلية العملية والأحكام العقلية النظرية ، فإنّ مبادئ الاولى هو بناء العقلاء على الحسن والقبح ، ومدح فاعل بعض الأفعال وذمّ فاعل بعضها الآخر ، وموضوع الحسن ـ مثلا ـ هو التأديب لا الضرب لغاية التأديب ؛ إذ ليس هناك بعث من العقلاء لغاية ، بل مجرّد بنائهم على المدح ، والممدوح هو التأديب ، بخلاف الأحكام العقلية النظرية ، فإنها لا تتكفل إلا الاذعان بالواقع.
ومن الواضح : أن الإرادة التشريعية على طبق الارادة التكوينية ، فكما أن الإنسان إذا أراد شراء اللحم يريد المشي إلى السوق ، والأوّل لغرض مترتّب على الشراء ، والثاني لغرض مترتّب على المشي إلى السوق ، كذلك إذا وقع الأمران طرفا للإرادة التشريعية ، فإن المولى لا يريد إلاّ ذلك الفعل الإرادي الصادر من العبد ، وبعثه النفسي والمقدمي إيجاد تسبيبي للفعل ومقدّمته ، وليس حكم العقل الإذعان بالملازمة بين الإرادتين ، لا أنه حكم ابتدائي بوجوب الفعل عقلا ؛ حتى لا يكون له معنى إلا الاذعان بحسنه الملزم ؛ حيث لا بعث ولا زجر من العاقلة لينتج أن الحسن في نظر العقل هو التوصّل ، لا الفعل لغاية التوصّل.
وأما الاعتراض على الثاني : فبأنّ الممدوح عليه هو التأديب بالحمل الشائع ، كما أن الواجب هنا هو التوصّل بالحمل الشائع ، إلا أنّ التأديب بالحمل الشائع اختياريته بقصد عنوان التأديب ، لا باختيارية الضرب ، فإنه إذا صدر الضرب فقط بالاختيار لم يصدر منه تأديب اختياري ، بخلاف التوصّل بالحمل الشائع ، فإنّ عنوانه لا ينفكّ عن المشي إلى السوق ، فإذا صدر المشي بالاختيار كان توصّلا اختياريا من دون لزوم قصد عنوان التوصّل. [ منه قدّس سرّه ]. ( ن ، ق ، ط ).
(١) كفاية الاصول : ١١٤ / ٨.