فيقال من غير أيّة عناية : إنّه باع داره مثلاً إذ لا يعتبر اللفظ في صدق هذا العنوان بمفهومه العرفي قطعاً ، فتدلّ هذه الأخبار على اللزوم بالافتراق وإن لم يكن ثمّة لفظ بمقتضى الإطلاق.

وعليه ، فإذا ثبت اللزوم في البيع المعاطاتي ففي الإجارة المعاطاتيّة أيضاً كذلك ، إمّا للأولويّة نظراً إلى أنّ البيع يتضمّن نقل الأعيان التي هي أولى بالاهتمام من الإجارة التي ليس في موردها ما عدا نقل المنافع فحسب ، ولذلك ترى أنّ بعضهم يرى قدح الغرر في البيع ، وتأمّل في الإجارة ممّا يكشف عن المداقّة ومزيد العناية بالبيع. أو للقطع بعدم القول بالفصل بينهما في ذلك.

وكيفما كان ، فمقتضى هذه الأدلّة الالتزام باللزوم في مطلق العقود وإن كان الإنشاء بالمعاطاة لا باللفظ.

وليس شي‌ء بإزائها ما عدا الإجماع المدّعى في كلمات غير واحد على عدم اللزوم ، وأنّ في مورد المعاطاة لم يكن إلّا الملك المتزلزل ، فإن تحقّق ذلك لم يكن بدّ من رفع اليد عن مقتضى القاعدة بالمقدار المتيقّن خروجه منها ، وإلّا فالمتّبع هي تلك الأدلّة.

والظاهر عدم التحقّق.

والوجه فيه : أنّ المنقول من كلمات المتقدّمين من الفقهاء وجملة من المتأخّرين وإن كان هو عدم اللزوم إلّا أنّ ذلك مبني على ما يرتؤونه من أنّ المعاطاة لا تفيد إلّا الإباحة ، فلا ملكيّة حتى يقال : إنّها لازمة أو جائزة ، فعدم اللزوم من باب السالبة بانتفاء الموضوع.

نعم ، حاول المحقّق الكركي حمل الإباحة في كلماتهم على إرادة الملك المتزلزل ، وأقام بعض الشواهد (١).

__________________

(١) جامع المقاصد ٤ : ٥٨.

۵۳۱