مقدار من المنفعة بطبيعة الحال ، وقد عرفت أنّ الإتلاف بنفسه موجب للّزوم.

ولكنّه لا يطّرد فيما لو حصل التصرّف المزبور في جانب الأُجرة ، كما لو كانت ثوباً مثلاً فلبسه يوماً من غير أن يحدث في العين شيئاً ، فإنّ مثل هذا التصرّف لأجل عدم كونه مغيّراً لا يستوجب اللزوم عند المشهور ، مع أنّ مقتضى إطلاق كلام الماتن حصوله به.

وكيفما كان ، فما عليه القوم من جواز المعاطاة لا تمكن المساعدة عليه ، بل مقتضى الصناعة لزومها وأنّ كلّ عقد لفظي أو فعلي متى ما تحقّق وترتّب عليه الملك وحصل به النقل كما هو المفروض فالردّ بالفسخ يحتاج إلى الدليل ، وإلّا فمقتضى القاعدة اللزوم :

أمّا أوّلاً : فللسيرة العقلائيّة القائمة على نفوذ المعاملة بعد تحقّق العقد العرفي بأيّ سبب كان ، وأنّه ليس لأحد المتعاملين الرجوع بعد تماميّة العقد بفسخه ، ولا شكّ أنّ السيرة المزبورة متّبعة ما لم يردع عنها الشارع ، ولم يرد هنا أيّ رادع ومانع.

وثانياً : مع الغضّ عنها يدلّ عليه الأمر بالوفاء في قوله تعالى ﴿أَوْفُوا بِالْعُقُودِ ، إذ الوفاء هو الإنهاء والإتمام والبقاء على الالتزام وعدم رفع اليد عنه بالفسخ وهو معنى اللزوم ، ومن المعلوم أنّ العقد بمفهومه العرفي يعمّ القولي والفعلي.

وثالثاً : ما ورد في عدّة من الأخبار من أنّ : «البيّعان بالخيار ما لم يفترقا ، فإذا افترقا فلا خيار بعد الرضا منهما» (١) ، حيث دلّت بوضوح على أنّ مبنى البيع على اللزوم بعد الافتراق ، ولا ينبغي الشكّ في صدق البيع على المعاطاة ،

__________________

(١) الوسائل ١٨ : ٦ / أبواب الخيار ب ١ ح ٣.

۵۳۱