القرض على الأقوى من عدم كونه معاوضة. فهذه الأُمور عناوين مستقلّة غير المعاوضة ، والدليل عليها السيرة ، بل الأخبار أيضاً (١) ، وأمّا الكراهة فللأخبار أيضاً (٢).
[٣٣٥٥] مسألة ٢٦ : لو استأجر أرضاً مدّة معيّنة فغرس فيها أو زرع ما لا يدرك في تلك المدّة فبعد انقضائها للمالك أن يأمره
المعاملة والمعاوضة ، لعدم تعلّق القصد بإنشاء المعاوضة من أيّ منهما ، وإنّما هو مندرج في باب العمل بالضمان في مقابل العمل المجّان ، نظير الإباحة بعوض أو التمليك بالضمان ، كما في القرض ، حيث ذكرنا في بحث البيع (١) تبعاً للشيخ (٢) في مقام الفرق بينه وبين البيع : أنّ القرض لا يتضمّن أيّ معاوضة وإنّما هو تمليك على سبيل الضمان ، أي نقل للعين إلى الذمّة على وجه يتمكّن الآخذ في مقام الأداء من ردّ نفس هذا المال ، كما هو الحال في سائر موارد الضمان ، غايته أنّ السبب هنا اختياري وهو فعل المقرض.
وكيفما كان ، فالاستعمال في المقام بمثابة القرض ، غير أنّ مورد التمليك هو العمل لا العين ، فيطلب الآمر العمل من العامل مضموناً عليه لا مجّاناً وهو يجيبه إلى ذلك. وهذا أمر عقلائي قد جرت عليه السيرة ، وليس ذاك من باب الإجارة المعاطاتيّة في شيء ، وهو محكوم بالجواز وإن كان مكروهاً ، والتعبير عنه بالصحّة أيضاً لا وجه له كما لا يخفى.
(١) وهي في المقام الروايتان المتقدّمتان.
(٢) كما عرفت.
__________________
(١) مصباح الفقاهة ٢ : ٦٩.
(٢) المكاسب ٣ : ١٥.