ونظيره ما لو آجر نفسه لخياطة هذا الثوب في يوم معيّن وآجره وكيله في نفس الوقت لخياطة ثوب آخر في نفس ذلك اليوم بحيث لا يمكن الجمع بينهما ، أو زوّجت المرأة نفسها من زيد وزوّجها في نفس الوقت وكيلها من عمرو ، أو باع ماله من زيد وباعه وكيله من عمرو. وهكذا الحال في كلّ عقدين متضادّين متقارنين ، فإنّهما محكومان بالبطلان بمناط واحد ، وهو امتناع الجمع وبطلان الترجيح من غير مرجّح ، وهذا واضح.
وأُخرى : يفرض تعلّقها بأحد هذين العملين مردّداً بينهما ، والظاهر بطلانه أيضاً ، لا لأجل الجهالة ، بل لأجل أنّ أحدهما المردّد لا تعيّن له حتى في صقع الواقع ، فلا يملكه الأجير حتى يملّكه للمستأجر ، فإنّ ما يقع في الخارج إمّا هذا معيّناً أو ذاك ، إمّا بصفة الترديد فلا تحقّق له في وعاء الخارج بتاتاً.
والتصدّي للتصحيح بإعطاء لون من التعيين ولو بالإشارة الإجماليّة بأن تقع الإجارة على أحدهما المردّد عندهما المعلوم في علم الله أنّ الأجير سيختاره خارجاً ، ضرورة أنّ ذاك الفرد الخاصّ متعيّن فعلاً في غامض علم الله وإن كان مجهولاً عند المتعاملين ، فلدى تحقّقه خارجاً ينكشف أنّ هذا الفرد كان هو مورد الإجارة ومصبّها ولم يكن ثمّة أيّ غرر بعد تقرّر أُجرة معيّنة لمثل هذا العمل حال العقد حسب الفرض.
غيرُ نافع وإن أمكن تصوير التعيين بما ذكر ، إذ فيه مضافاً إلى الجهالة القادحة بعنوانها وإن كانت عارية عن الغرر كما مرّ ، ضرورة أنّ المنفعة بالآخرة مجهولة فعلاً كالأُجرة ـ : أنّ العمل المستأجر عليه لا تعيّن له لدى التحليل حتى بحسب الواقع وفي علم الله سبحانه ، وذلك لأنّ من الجائز أنّ الخيّاط لا يخيط هذا الثوب أصلاً ولم يصدر منه العمل في الخارج بتاتاً ، فعندئذٍ لا خياطة رأساً لكي يعلم بها الله سبحانه ، فإنّ علمه تابع للواقع ، وإذ لا خياطة فلا واقع ،