وعلى هذا فيصحّ ما ذكره قدس‌سره من ضمان المستأجر لكلتا المنفعتين وإن كانتا متضادّتين ، لكونهما معاً مملوكتين لمالك العين.

فان قلت : لازم ما ذكرت ضمان الغاصب لجميع المنافع التي يمكن أن يستوفيها من العين ، ولربّما تزيد على قيمة نفس العين. وهو كما ترى ، فيكشف ذلك عن عدم ملكيّة المالك لجميعها.

قلت : كلّا ، فإنّ الضمان يتبع مقدار التلف الذي حصل تحت يد الغاصب ، فيقدّر التالف بقيمته ، فإذا امتنع تحقّق المنافع جميعاً كما هو المفروض فلم يحصل تلف بالنسبة إليها تحت يده ليكون ضامناً ، فإنّه إنّما يضمن القيمة ، ولا تلاحظ القيمة للمنافع بأجمعها بعد عدم صدق التلف كما عرفت.

وبعبارة اخرى : لو فرضنا أنّ المالك بناءً على ملكيّته لجميع المنافع أراد أنّ يؤاجر عبده مثلاً بجميع منافعه ، فالأُجرة التي يعتبرها العرف لمثل هذا العبد هي التي قد أتلفها الغاصب ، فيضمن بهذا المقدار لا غير.

ومن الواضح جدّاً أنّه لا يلاحظ لدى التصدّي لتقدير هذه الأُجرة كلّ منفعة بحيالها بأن تراعى أُجرة الخياطة مثلاً ثمّ تضاف إليها اجرة الكتابة ، ثمّ تضاف اجرة البناية ، وهكذا.

والوجه فيه : أنّه بعد ما لم يمكن استيفاء المنافع برمّتها فطبعاً لا تلاحظ القيمة بالإضافة إلى الجميع ، بل لمثل هذا العبد اجرة مقرّرة زائدة على أُجرة الأجير لمنفعة معيّنة باعتبار اختيار المستأجر في استيفاء أيّ منفعة شاء ، فيضمن الغاصب بهذا المقدار فحسب كما عرفت.

وكيفما كان ، فلا نرى أيّ مانع من الجمع بين الملكيّتين وإن كانت المنفعتان متضادّتين.

فعلى هذا المبنى وهو الصحيح لا مانع من إجارة العين بجميع منافعها

۵۳۱