اللاحقة؟

تبتني هذه المسألة على التكلّم في كبرى كلّيّة ، وهي أنّ صحّة الفضولي هل هي على طبق القاعدة من غير حاجة إلى قيام دليل عليها بالخصوص ، أو أنّها مخالفة لها يقتصر على مقدار قيام الدليل؟

فعلى الأوّل يحكم بالصحّة في الإجارة أيضاً ، بخلافه على الثاني ، لاختصاص الأدلّة بالبيع ، فتحتاج صحّة الإجارة إلى عقد جديد.

هذا ، وقد ذكرنا في محلّه أنّ الأظهر هو الأوّل ، نظراً إلى أنّ الرضا لا يقاس بسائر الشروط ، إذ هو كما يتعلّق بالأمر الحالي كذلك يتعلّق بالاستقبالي والأمر الماضي بنمط واحد ، ولا يعتبر في صحّة العقد ما عدا وجوده وكونه عن رضا المالك ، وأمّا لزوم حصول الرضا حال صدور العقد فلم يدلّ عليه أيّ دليل.

وعليه ، فمتى تحقّق الرضا وصدرت الإجازة من المالك صحّ انتساب العقد السابق إليه فعلاً ، فيقال : إنّ زيداً باع ماله أو وهبه ، وإن كان البيع أو الهبة واقعاً في الزمن السابق ، فإذا كان العقد السابق قابلاً للانتساب إليه فعلاً فلا جرم تشمله إطلاقات أدلّة الصحة والنفوذ ووجوب الوفاء بالعقود ، فإنّها وإن لم تشمله قبل الرضا لعدم كون العقد عقده إلّا أنّه بعد لحوق الرضا الموجب لصحّة الإسناد والانتساب يندرج تحت الإطلاق بطبيعة الحال ، فيحكم بصحّته من دون فرق بين موارده من البيع أو الإجارة ونحوهما ، لاتّحاد المناط في الكلّ ، فمن ثمّ كانت صحّة العقد الفضولي مطابقة لمقتضى القاعدة كما فصّلنا البحث حوله بنطاق واسع في مبحث العقد الفضولي من كتاب البيع (١).

وكما يجري هذا في العقد الصادر من الغير أعني : الفضولي فكذا يجري في العقد الصادر من نفس المالك إذا كان فاقداً للرضا لإكراهٍ من الغير وتوعيده ،

__________________

(١) مصباح الفقاهة ٢ : ٦٠٧.

۵۳۱