العبادات من الصلاة والصيام والحجّ ونحوها ما لم يقم عليه دليل بالخصوص ، نظراً إلى أنّ العبادات توقيفيّة تتوقّف مشروعيّتها على قيام الدليل ، ومقتضى إطلاق الأوامر المتعلّقة بها اعتبار المباشرة ممّن خوطب بها ، وعدم السقوط بفعل الغير. وحيث لم ينهض دليل على صحّة النيابة عن الحيّ والتصدّي لتفريغ ذمّته فلا جرم يحكم بفسادها.

نعم ، قد يستدلّ على الصحّة بروايتين :

إحداهما : ما رواه الكليني عن عدّة من أصحابنا ، عن أحمد بن محمّد بن خالد ، عن محمّد بن علي ، عن الحكم بن مسكين ، عن محمّد بن مروان ، قال : قال أبو عبد الله عليه‌السلام : «ما يمنع الرجل منكم أن يبرّ والديه حيّين وميّتين ، يصلّي عنهما ، ويتصدّق عنهما ، ويحجّ عنهما ، ويصوم عنهما ، فيكون الذي صنع لهما وله مثل ذلك فيزيده الله عزّ وجلّ ببرّه وصلته خيراً كثيراً» (١).

ولكنّك خبير بأنّ للمناقشة في دلالتها مجالاً واسعاً ، لجواز عود الفقرات أعني : قوله «يصلّي عنهما» إلخ إلى خصوص قوله عليه‌السلام : «ميّتين» ، باعتبار أنّ البرّ بالوالدين وهما حيّان معلوم الكيفيّة يعرفها كلّ أحد بأن يخدمهما ويطيعهما ويحسن معاشرتهما فيكون بذلك بارّاً ، وهذا أمر ظاهر لدى كلّ إنسان غني عن التعرّض والبيان.

وأمّا البرّ بهما وهما ميّتان فكيفيّته مجهولة وبعيدة عن أذهان العامّة كما لا يخفى ، فاحتيجت إذن إلى البيان والتعريف ، ولأجله ذكر عليه‌السلام أنّها تتحقّق بالصلاة والتصدّق والحجّ عنهما.

وعلى الجملة : دعوى اختصاص المذكورات بالميّتين وعدم الشمول للحيّين

__________________

(١) الوسائل ٨ : ٢٧٦ / أبواب قضاء الصلوات ب ١٢ ح ١ ، الكافي ٢ : ١٢٧ / ٧.

۵۳۱