ومن ثمّ ساغ جعل الواجب شرطاً في ضمن العقد مع أنّ القدرة معتبرة في الشروط أيضاً ، وكذلك النذر والعهد واليمين فإنّها تتعلّق بالواجبات مع اعتبار القدرة في متعلّقاتها بلا إشكال ، ولم يحتمل أحدٌ بطلان النذر المتعلّق بالواجب.

وإنّما المعتبر في صحّة الإجارة : القدرة بمعنى التمكّن من التسليم خارجاً عقلاً وشرعاً ، فإذا لم يتمكّن عقلاً بطلت ، لعدم اعتبار الملكيّة العقلائيّة بالإضافة إلى غير المقدور ، وكذلك شرعاً فيما إذا كان حراماً ، لعجزه عن التسليم حينئذٍ ، بخلاف ما إذا كان واجباً ، لقدرته عندئذٍ على التسليم عقلاً كما هو واضح ، وكذا شرعاً فإنّه بأمره يؤكّد التسليم والإتيان خارجاً لا أنّه يمنع عنه.

نعم ، القدرة بالمعنى المتقدّم أعني : تساوي الطرفين مفقودة ، لكن لا دليل على اعتبارها بهذا المعنى حسبما عرفت.

والمتحصّل من جميع ما قدّمناه : عدم استقامة شي‌ء من الوجوه التي استدلّ بها على عدم جواز أخذ الأُجرة على الواجبات.

وعلى تقدير التنازل وتسليم دلالة شي‌ء منها أو جميعها ، أو الإذعان بقيام الإجماع التعبّدي ، فإنّما يستقيم البطلان فيما إذا كان العمل المستأجر عليه واجباً تعيينيّاً على الأجير ، فلا مانع من صحّة الإيجار المتعلّق بأحد الفردين فيما إذا كان الواجب تخييريّاً ، لوضوح تغاير المتعلّقين ، فإنّ الواجب إنّما هو الجامع بين الفردين ، ومورد الإجارة خصوص أحدهما المباح اختياره للمكلّف ، فلم يكن من أخذ الأُجرة على الواجب ولا ينسحب إليه شي‌ء من وجوه المنع المتقدّمة كما لا يخفى.

كما لا مانع من صحّته فيما إذا كان الواجب كفائيّاً ، لأنّ موضوع الوجوب إنّما هو طبيعي المكلّف كما أنّ متعلّقه هو الطبيعي في الواجب التخييري لا

۵۳۱