فيحتاج إثبات الحكم حتى في البيع إلى التمسّك بدليل آخر ، وقد مرّت الإشارة إليه قريباً (١).
وأمّا حديث نهيه صلىاللهعليهوآله عن الغرر الذي ذكره الشهيد وكذا الشيخ في الخلاف في كتاب الشركة (٢) فيمكن أن يكون نظرهما في ذلك إلى روايتين :
إحداهما : وردت من طرق العامّة ، وهي التي رواها أحمد في مسنده (٣) من أنّ النبيّ صلىاللهعليهوآله نهى عن بيع السمك في الماء لأنّه غرر.
حيث يظهر من التعليل أنّ النهي قد تعلّق بالغرر على سبيل الإطلاق ، وأنّ التطبيق على البيع من باب تطبيق الكبرى على الصغرى ، فيصحّ أن يقال : إنّه صلىاللهعليهوآله نهى عن الغرر مطلقاً وإن كان مورده هو البيع.
والثانية : وردت من طرقنا ، وهي التي رواها الصدوق في معاني الأخبار بإسناد متّصل إلى النبيّ صلىاللهعليهوآله أنّه نهى عن المنابذة والملامسة وبيع الحصاة إلى أن قال : وهذه بيوع كان أهل الجاهليّة يتبايعونها فنهى رسول الله صلىاللهعليهوآله عنها لأنّها غرر كلّها (٤).
لدلالة التعليل عليه بالتقريب المتقدّم.
وعلى الجملة : فتصحّ مقالة الشهيد من أنّ النبيّ صلىاللهعليهوآله نهى عن الغرر استناداً إلى هاتين الروايتين ، غير أنّ سنديهما ضعيف فلا يمكن التعويل
__________________
(١) في ص ٢٧ ـ ٢٨.
(٢) غاية المراد ٢ : ٣٥٥ ، الخلاف ٣ : ٣٣٠.
(٣) مسند أحمد ١ : ٣٨٨.
(٤) الوسائل ١٧ : ٣٥٨ / أبواب عقد البيع وشروطه ب ١٢ ح ١٣ ولها ذيل يدلّ على المطلوب أيضاً مذكور في ص ٣٥٢ ب ١٠ ح ٢ ، معاني الأخبار : ٢٧٨.