وفيه أوّلاً : أنّه لم يتّضح أيّ موجب للانفساخ وسقوط الأُجرة المسمّاة ، فإنّا لو فرضنا أنّ المستأجر أبقى العين عنده معطّلة حتى انقضت المدّة ولم يستوف منها أيّة منفعة ، أفلا يكون ضامناً للأُجرة المسمّاة؟ وحينئذٍ أفهل ترى أنّ انتفاعه منفعة أُخرى يستوجب السقوط وبطلان الإجارة الاولى ، لا ينطبق ذلك على أيّة قاعدة فقهيّة أو رواية ولو ضعيفة.

وأمّا الصحيحة المزبورة فقد مرّ البحث حولها قريباً ، فلاحظ ولا نعيد (١).

وثانياً : إنّ لازم ذلك براءة ذمّة المستأجر عمّا اشتغلت به حين العقد من غير أيّ مقتضٍ لها فيما لو استوفى بدلاً عن المنفعة المستأجرة منفعة أُخرى ضئيلة أُجرتها يسيرة ، كما لو استأجر الدابّة إلى كربلاء بدينار فاستعملها في إدارة الرّحَى التي أُجرتها نصف دينار مثلاً فإنّ مقتضى هذا الوجه براءة ذمّة المستأجر عن الفرق بين الأُجرتين ، الذي كان ثابتاً في ذمّته بمقتضى عقد الإيجار من غير أيّ سبب لها. وهذا كما ترى شي‌ء لا يمكن الالتزام به جزماً.

هذا ، ولأجل وضوح فساد الوجهين المزبورين ذهب جماعة منهم شيخنا الأُستاذ قدس‌سره (٢) إلى اختيار :

ثالث الوجوه : وهو التفصيل بين ما إذا كانت أُجرة المنفعة المستوفاة مساوية للأُجرة المسمّاة أو أقلّ ، وبين ما إذا كانت أكثر ، فعلى الأوّل لا يستحقّ إلّا المسمّاة ، وعلى الثاني يستحقّها بضميمة الزيادة ، فيجب حينئذٍ دفع الفرق بين الأُجرتين زائداً على دفع الأُجرة المسمّاة.

وفيه : أنّ المنفعة المستوفاة إن كانت ملكاً لمالك العين استحقّ حينئذٍ على المستوفي تمام اجرة المثل زائداً على الأُجرة المسمّاة كما ذكرناه لا خصوص

__________________

(١) في ص ٣١٥.

(٢) تعليقة النائيني على العروة الوثقى ٥ : ٨٧ (تحقيق جماعة المدرسين).

۵۳۱