وأمّا إذا كان المباشر مستقلا في تصرّفه بأن كان بالغاً عاقلاً مختاراً فقد يقال بالضمان أيضاً.

إمّا لأجل أنّه السبب في التلف والسبب هنا أيضاً أقوى من المباشر.

وفيه ما لا يخفى ، إذ لا شأن للأمر المزبور ما عدا كونه داعياً لصدور الفعل عن الفاعل المختار فهو يصدر عنه باختياره ، فكيف يستند إلى الآمر؟! ومن ثمّ ذكروا في محلّه أنّ الآمر بالقتل لا يقتصّ منه وإن كان يحبس لأمره ، وإنّما يختصّ القصاص أو الدية بالمباشر.

وإمّا لدعوى اندراجه في إطلاق موثّق السكوني المتقدّم.

ويندفع بوضوح انصرافه عن المقام ، فإنّ قوله : «تطبّب» كتكسّب من باب التفعّل يدلّ على مطاوعة الفعل وقبوله ، فهو مساوق لقوله : عالج ، الظاهر في مباشرة العلاج والطبابة خارجاً ، فلا يشمل الأمر المجرّد عن التصدّي ولا سيّما بقرينة اقترانه بقوله : «تبيطر» الظاهر في معالجة الحيوانات مباشرةً.

نعم ، للتطبّب معنى آخر كالتفقّه ، أي أخذ الطبّ شغلاً له مع عدم كونه طبيباً. ولكنّه أجنبي عن محلّ الكلام ، ولا يناسب إرادته في المقام كما لا يخفى.

وعلى أيّ حال ، فلا ينبغي التأمّل في عدم ضمان الآمر.

وأوضح حالاً توصيف الدواء من دون أمر ، كأن يقول : دواؤك كذا وكذا ، لعدم استناد الفعل إلى الواصف غير الآمر بوجه.

وأوضح منه ما إذا لم يعيّن الشخص ، بل قال على سبيل الكبرى الكلّيّة : إنّ مرض كذا دواؤه كذا ، فطبّقه المريض على نفسه باختياره واجتهاده.

وأوضح من الكلّ ما لو قال : لو كنت مريضاً بمثل هذا المرض لشربت الدواء الكذائي ، من غير تعرّض للحكم الكلّي أو لحكم شخص المريض.

والحاصل : أنّ الضمان إنّما يثبت في فرض خاصّ ، وهو ما إذا استند الفعل

۵۳۱