وإذا كان بإتلاف الأجنبي فهو موجب لضمانه أيضاً.
وأمّا إذا كان المتلف هو المستأجر فإتلافه بمنزلة استيفاء العمل أو المنفعة وقبضهما ، حيث إنّه بنفسه قد أتلف مال نفسه ، فلا انفساخ إلّا في صورة واحدة كما عرفت.
وعليه ، فحكمه قدسسره في المقام بالانفساخ في جميع هاتيك الصور ما عدا صورة واحدة مناقضٌ صريح لما سبق منه.
والصحيح ما أفاده قدسسره هناك كما باحثنا حوله مشبعاً مع بعض التعاليق ، فراجع إن شئت ، ولا حاجة إلى الإعادة (١).
وأمّا ما ذكره قدسسره في المقام من التفصيل فلم يتّضح له أيّ وجه ، بل الإتلاف بمثابة الاستيفاء في كلتا الصورتين ، ولا مناص من الحكم بالصحّة فيهما معاً.
والوجه فيه : أنّ المستأجر قد ملك العمل في ذمّة الأجير في الصورة الأُولى بسبب الإجارة ، كما ملك المنفعة الكذائيّة في الصورة الثانية ، والمفروض أنّ الأجير باذلٌ للعمل وأنّ الخيّاط مثلاً قد هيّأ نفسه للخياطة في المدّة المقرّرة من دون أيّ قصور منه أو تقصير ، والمستأجر هو الذي أعدم موضوع هذه المنفعة المملوكة له بإتلافه محلّ العمل ، فبالنتيجة ينتهي تعذّر تحقّقه خارجاً إلى اختياره وإرادته ، فهذا نظير ما ذكروه من أنّ الامتناع بالاختيار لا ينافي الاختيار ، إذ هو باختياره فوّت المنفعة على نفسه بعد ما كان قادراً على التسليم والتسلّم خارجاً ، وأعدم المملوك وأسقطه عن قابليّة الوجود ، فكان ذلك بمثابة القبض والاستيفاء منه في كلتا الصورتين بمناطٍ واحد من غير فرق بينهما أصلاً ،
__________________
(١) في ص ١٩٠ ـ ١٩٣.