هذا كلّه في تصرّف الصبي مستقلا.
وأمّا تصدّيه لمجرّد إجراء الصيغة إمّا في ماله أو في مال الغير وكالةً عنه فليس في الآية ولا الرواية ما يدلّ على عدم نفوذه :
أمّا الآية المباركة : فهي ناظرة إلى دفع المال إليه وعدمه ، ولا تعرّض فيها لعقده الصادر منه على نحوٍ لا شأن له عدا مجرّد إجراء الصيغة.
وهكذا الرواية ، إذ السؤال فيها عن نفوذ أمر الغلام الظاهر في الاستقلال ، لا ما إذا كان التصرّف منسوباً إلى الولي والصبي مجرٍ للصيغة فقط.
ولكنّه مع ذلك قد نسب إلى المشهور عدم الجواز ، تمسّكاً بحديث رفع القلم عن الصبي ، وبما ورد في صحيح ابن مسلم من أنّ «عمد الصبي وخطؤه واحد» (١) فكما أنّ أحداً لو تلفّظ خطأً بكلمة «بعت» مثلاً لا يكون نافذاً لعدم القصد ، فكذا الصبي ، لأنّ عمده بمنزلة خطأ غيره ، فلا أثر لقصده بمقتضى هذه الصحيحة.
والجواب : أمّا عن الحديث فظاهر ، إذ هو ناظر إلى رفع ما على الصبي من الأحكام التكليفيّة أو الوضعيّة أيضاً كما اخترناه ، فلا يلزم الصبي بشيء من أعماله من كلتا الناحيتين. وأمّا العقد في محلّ البحث فليس فيه أيّ شيء على الصبي من تكليف أو وضع ، ولم يؤاخذ بعبارته بتاتاً لكي يرفع عنه ، وإنّما هو راجع إلى غيره أو إلى الولي ، وهذا مجرّد مجرٍ للصيغة وآلة محضة ، فحديث الرفع أجنبي عن الدلالة على إلغاء إنشاء الصبي وفرضه كأن لم يكن كما لعلّه واضح جدّاً.
وأمّا الصحيحة : فهي وإن كانت مطلقة في ظاهر النصّ ولم تقيّد بمورد الجناية كما قيّدت به موثّقة إسحاق بن عمّار ، عن جعفر ، عن أبيه عليهماالسلام
__________________
(١) الوسائل ٢٩ : ٤٠٠ / أبواب العاقلة ب ١١ ح ٢.