قبل أن يستأنس منهم الرشد.

وأمّا بالنسبة إلى نفسه بأن يكون أجيراً لغيره : ففي جوازه كلام وإشكال ، ولا يبعد المنع ، وسيأتي تفصيله في المسألة الثانية.

وأمّا إجراؤه العقد وكالةً عن غيره : فلا ينبغي الاستشكال فيه ، إذ لم يدلّ دليل على كونه مسلوب العبارة حتى يكون عقده كلا عقد.

وأمّا الاختيار : فلا شكّ في عدم نفوذ عقد المكره فيما يرجع إلى نفسه من ماله أو عمله ، لحديث الرفع وغيره ممّا هو مذكور في محلّه.

وأمّا لو كان مكرهاً في إجراء العقد على مال الغير وكالةً ، فهل يحكم ببطلانه؟

الظاهر : لا ، ضرورة عدم ترتّب أيّ أثر على هذا العقد بالنسبة إلى العاقد المكره لكي يدّعى ارتفاعه بحديث الرفع ، وإنّما الأثر مترتّب على من يقع العقد له وهو الأصيل ، وهذا مجرّد آلة محضة والمفروض أنّ الأصيل غير مكره عليه.

وبعبارة اخرى : هذا العقد من حيث انتسابه إلى المباشر ليس له أيّ أثر ليرتفع بالإكراه ، ومن حيث انتسابه إلى المكره لم يرتفع أثره بعد أن عقد باختياره ، ولم يكن مكرهاً ، فالمكرَه بالفتح لا أثر له ، ومن له الأثر لم يكن مكرهاً ، فلا مقتضي للبطلان بوجه.

وأمّا اعتبار البلوغ الذي هو المهم في المقام : فلا ينبغي التأمّل في عدم نفوذ تصرّفات الصبي في أمواله على سبيل الاستقلال بحيث يكون هو البائع أو المؤجر ونحوهما ولو كان ذلك بإذن الولي فضلاً عن عدم الإذن ، لقوله سبحانه ﴿وَابْتَلُوا الْيَتامى حَتّى إِذا بَلَغُوا النِّكاحَ فَإِنْ آنَسْتُمْ مِنْهُمْ رُشْداً فَادْفَعُوا إِلَيْهِمْ أَمْوالَهُمْ (١) ، دلّت على أنّ دفع المال مشروط بأمرين : البلوغ والرشد ، فلا يدفع لغير البالغ

__________________

(١) النساء ٤ : ٦.

۵۳۱