ولا يكفي الضعف ، وإن كان مفرطاً ما دام يُتحمّل عادةً (١). نعم ، لو كان ممّا لا يُتحمّل عادةً جاز الإفطار.


وأمّا بناءً على المختار من صحّة الترتّب وإمكانه بل لزومه ووقوعه وأنّ تصوّره مساوق لتصديقه حسبما فصّلنا القول حوله في الأُصول وشيّدنا أساسه وبنيانه (١) ، فلا مناص من الحكم بالصحّة بمقتضى القاعدة ، إذ المزاحمة في الحقيقة إنّما هي بين الإطلاقين لا بين ذاتي الخطابين ، فلا مانع من تعلّق الأمر بأحدهما مطلقاً ، وبالآخر على تقدير عصيان الأوّل ومترتّباً عليه ، فالساقط إنّما هو إطلاق الأمر بالمهمّ وهو الصوم ، وأمّا أصله فهو باقٍ على حاله ، إذ المعجز ليس نفس الأمر بالأهمّ ، بل امتثاله.

فعلى ما ذكرناه كان الأولى ذكر هذا في شرائط الوجوب لا في شرائط الصحّة ، فإنّ الوجوب مشروط بعدم المزاحمة بالأهمّ ، وإلّا فهذه المزاحمة لا تستوجب فساد الصوم بعد البناء على الترتّب.

(١) قد يفرض : أنّ الضعف جزئي لا يعتنى به ، وحكمه ظاهر ، وأُخرى : يكون أكثر من ذلك ولكن لا يبلغ حدّ الحرج ، لكونه ممّا يُتحمّل عادةً وإن كان مفرطاً ، وهذا أيضاً لا يضرّ بالصوم ، بمقتضى إطلاق الأدلّة من الكتاب والسنّة بعد أن لم يكن المتّصف به مريضاً حسب الفرض ، وإنّما هو صحيحٌ اعتراه الضعف ، ولم يخرج عن عموم الآية إلّا المريض والمسافر.

وعلى الجملة : مجرّد الضعف لا يستوجب السقوط ولا سيّما مع كثرته في الصائمين ، حيث إنّ الغالب منهم يعتريهم مثل هذا الضعف من جوعٍ أو عطش ،

__________________

(١) محاضرات في أُصول الفقه ٣ : ١٠١ ١٠٢.

۵۳۲