الثاني : العقل ، فلا يصحّ من المجنون (١) ولو أدواراً وإن كان جنونه في جزء من النهار.


(١) والوجه فيه : أنّ المجنون غير مكلّف بالصوم كسائر الواجبات من العبادات وغيرها ، فهو مرفوع عنه القلم ، وحاله حال سائر الحيوانات ، لا عبرة بعمله ، للأدلّة الدالّة على اشتراط التكليف بالعقل الذي هو أوّل ما خلق الله وقال له : أقبل فأقبل ، ثمّ قال : أدبر فأدبر ، فقال تعالى : بك أُثيب وبك أُعاقب ، كما هو مضمون الروايات (١).

ومنه تعرف أنّه لا وجه لقياس الجنون بالنوم وإن كان القلم مرفوعاً عنه أيضاً ، وذلك لما علمناه من الخارج ومن إطلاق الأدلّة من أنّ الصوم غير متقيّد بعدم النوم ، بل قد ورد أنّ نوم الصائم عبادة ، فعباديّة الصوم بمعنى لا يكاد يتنافى مع النوم ، فإنّه بمعنى البناء على الاجتناب عن المفطرات وعدم ارتكابها متعمّداً بأن يكون على جانب منها وبعيداً عنها كما دلّ عليه قوله عليه‌السلام : «لا يضرّ الصائم ما صنع إذا اجتنب» إلخ ، وأن يكون ذلك لله تعالى ، فلو نوى الاجتناب المزبور قبل الفجر لله تعالى فقد أتى بالعبادة وإن نام بعد ذلك ، لحصول هذا المعنى حال النوم أيضاً ، فليست العباديّة في الصوم وكذا في تروك الإحرام بالمعنى المعتبر في العبادات الوجوديّة ، أي وقوع كلّ جزء بداعي امتثال الأمر حتّى ينافيه النوم ، ودليل رفع القلم عن النائم معناه : أنّه لو ارتكب شيئاً حال النوم فهو مرفوع عنه ولا يؤاخذ به ، وهذا كلّه كما ترى أجنبي عن محلّ الكلام.

وعلى الجملة : التكليف بالصوم مشروط بعدم الجنون وغير مشروط بعدم

__________________

(١) الكافي ١ : ٨ / ١ و ٢٠ / ٢٦.

۵۳۲