امتثاله معجز عن المهمّ ، فإذا لم يكن الأهمّ واصلاً فماذا يكون عذراً في ترك المهمّ؟! وعليه فلا يسوّغ الإفطار إلّا إذا أحرز الواجب الآخر بحجّة معتبرة.

وكيفما كان ، فلا إشكال في سقوط التكليف بالصوم فيما لو زاحمه واجب آخر أهمّ ، سواء أكان ممّا اعتُبر فيه عنوان الحفظ أم لا ، كما لو وقعت المزاحمة بين الصوم وبين الإنفاق على العائلة ، لأنّ تعلّق التكليف بالصوم وجوباً تعيّنيّاً حسبما تضمّنته الآية المباركة من تقسيم المكلّفين إلى أقسام ثلاثة : من يجب عليه الصوم فقط ، ومن يجب عليه القضاء ، ومن يجب عليه الفداء كما مرّت الإشارة إليه (١) إنّما هو حكم المكلّف ابتداءً ، وإلّا فهذا الوجوب كغيره من سائر التكاليف مشروط بالقدرة ، فإذا كان هناك واجب آخر أهمّ ولم يمكن الجمع فهو طبعاً يتقدّم ، ومعه يسقط هذا الوجوب ، لمكان العجز.

إنّما الكلام فيما لو عصى فترك الواجب الأهمّ وصام ، فهل يحكم بصحّته ، أو لا؟

ظاهر كلام الماتن حيث ذكر هذا أعني : عدم الابتلاء بالمزاحم الأهمّ في شرائط الصحّة كعدم المرض والسفر هو البطلان ، فهو شرط في الوجوب والصحّة معاً لا في الأوّل فقط.

وهذا منه مبني على عدم جريان الترتّب وإنكاره ، إذ عليه يكفي في البطلان عدم تعلّق الأمر بالصوم ، إذ الأمر بالشي‌ء يقتضي عدم الأمر بضدّه لا محالة ، ولا يتوقّف ذلك على دعوى اقتضائه للنهي عن الضدّ ، ولا على دعوى مقدّميّة ترك أحد الضدّين لوجود الضدّ الآخر ، بل يكفي في المقام مجرّد عدم الأمر كما عرفت المستلزم لعدم إحراز الملاك أيضاً ، إذ لا كاشف عنه من غير ناحية الأمر والمفروض عدمه ، فلا يمكن تصحيح العبادة بوجه.

__________________

(١) في ص ٤٦٠ ٤٦١.

۵۳۲