وجوب الكفّارة أيضاً كما ستعرف.

هذا وقد أصرّ المحقّق الهمداني قدس‌سره على عدم وجوب الكفّارة (١) ، ونسب إلى صاحب الجواهر أنّه أفتى به في نجاة العباد (٢) وإن مال إلى الوجوب في الجواهر (٣) ، نظراً إلى إطلاق قوله عليه‌السلام : من أفطر متعمّداً فعليه الكفّارة.

والوجه في ذهابه إلى عدم الوجوب أمران :

أحدهما : دعوى انصراف الإفطار الوارد في النصّ المزبور إلى الأكل والشرب دون غيرهما ممّا يبطل الصوم ، إلّا إذا قام الدليل بالخصوص على ثبوت الكفّارة فيه ، مثل : الجماع والبقاء على الجنابة ونحوهما ممّا مرّ ، وإلّا فغيرهما غير مشمول لإطلاق النصّ ، وحيث لا دليل على الكفّارة في القي‌ء ولا الاحتقان والمفروض انصراف النصّ عنهما فلأجله يُحكَم بالعدم.

وجوابه ظهر ممّا مرّ ، حيث عرفت أنّ الصوم والإفطار ضدّان لا ثالث لهما ، فكلّ من ليس بصائم فهو مفطر لا محالة. نعم ، قد يكون صائماً بصومٍ غير صحيح ، إمّا لعدم النيّة أو لأجل الرياء ، أو لأنّه نوى المفطر ولم يستعمله ، ونحو ذلك ، فهو ليس بمفطر بل هو صائم وإن كان صومه فاسداً لأحد هذه الأُمور.

وعلى الجملة : فساد الصوم شي‌ء وعدمه شي‌ء آخر ، وحيث لا واسطة بين الصوم والإفطار فغير الصائم مفطر بطبيعة الحال ، إذ كلّما اعتُبِر عدمه في الصوم فإذا ارتكبه الشخص فهو ليس بصائم.

ولا وجه للاختصاص بالأكل والشرب ، لوضوح أنّ الصوم ليس هو الإمساك

__________________

(١) مصباح الفقيه ١٤ : ٥١٣.

(٢) مستمسك العروة الوثقى ٨ : ٣٤٠.

(٣) لاحظ الجواهر ١٦ : ٢٨٧ ٢٨٨.

۵۳۲