السند ، فإنّ طريق الشيخ إلى الصفّار صحيح ، وهو يرويها عن محمّد بن عيسى ابن عبيد ، وهو وإن كان محلّاً للخلاف ليس بمجهول ، بل من المعاريف وثقة على الأظهر وإن استثناه ابن الوليد والصدوق ، إلّا أنّ ابن نوح وغيره أشكل عليه قائلاً : إنّه من يكون مثل محمّد بن عيسى (١)؟! كما مرّ مراراً.

وكيفما كان ، فلا شكّ في أنّه من المعاريف وليس مجهولاً جزماً ، إنّما المجهول هو سليمان بن حفص ، حيث لم يوثّق في كتب الرجال ، فكان على صاحب المدارك أن يناقش من ناحيته فقط ، ولكنّه مع ذلك ثقة على الأظهر ، لوقوعه في أسناد كامل الزيارات ، فالمناقشة في السند ساقطة من أصلها.

هذا وقد ادّعى في الرياض أنّ الرواية مقطوعة (٢).

فإن أراد بالقطع الإضمار ولو على خلاف الاصطلاح فلا مشاحّة فيه ، وإن أراد المصطلح من المقطوعة فلا قطع في السند بوجه كما لا يخفى.

ثانيها : المناقشة في الدلالة نظراً إلى أنّها اشتملت على أُمور لم يلتزم بها الفقهاء ، من مفطريّة المضمضة والاستنشاق متعمداً وشمّ الرائحة الغليظة ، فتسقط الرواية بذلك عن درجة الاعتبار ، وغاية ما يمكن أن يوجّه به ذلك تقييدُ المضمضة والاستنشاق بقرينة سائر الأخبار وبمناسبة الحكم والموضوع بما إذا أدّى إلى وصول الماء إلى الحلق ، إلّا أنّ شم الرائحة الغليظة غير قابل لمثل هذا الحمل ، ولا يمكن الالتزام في مثله بالبطلان بوجه ، فلا بدّ من حمل الرواية على التنزّه والاستحباب.

والجواب : إنّ اشتمال الرواية على بعض ما ثبتت فيه إرادة الاستحباب لقرينة قطعيّة خارجيّة لا يستوجب رفع اليد عن ظهور غيره في الوجوب ، فالأمر

__________________

(١) لاحظ رجال النجاشي : ٣٤٨ / ٩٣٩ ، في ترجمة محمّد بن أحمد بن يحيى.

(٢) الرياض ٥ : ٣١٥ ٣١٦.

۵۳۲