بينهم ، إذ من المعلوم من الشرع أنّه ليس بناء الإسلام على إجراء الحدّ في موارد الشبهة ، كما يظهر ذلك بملاحظة الموارد المتفرّقة التي منها مورد صحيحة بريد العجلي الآتية المتضمّنة للسؤال عن موجب الإفطار ، فإنّها تدلّ على أنّه لو ادّعى شبهةً يُقبَل قوله ويُدرأ عنه الحدّ أو التعزير ، وإلّا فما هي فائدة السؤال؟! إنّما الكلام في غير المعذور ممّن يفطر عصياناً ، فقد ذكر في المتن : أنّه يعزَّر بخمسة وعشرين سوطاً ، فإن عاد عُزِّر ثانياً ، وإن عاد قُتِل في الثالثة ، والأحوط في الرابعة من أجل الاحتياط في باب الدماء.

أقول : أمّا أصل التعزير فقد دلّت عليه صحيحة بريد العجلي ، قال : سُئل أبو جعفر عليه‌السلام عن رجل شهد عليه شهود أنّه أفطر من شهر رمضان ثلاثة أيام «قال : يُسأل هل عليك في إفطارك إثم؟ فإن قال : لا ، فإنّ على الإمام أن يقتله ، وإن قال : نعم ، فإنّ على الإمام أن ينهكه ضرباً» (١).

وأمّا التحديد بخمسة وعشرين سوطاً فلم يرد إلّا في رواية مفضّل بن عمر عن أبي عبد الله عليه‌السلام : في رجل أتى امرأته وهو صائم وهي صائمة «فقال عليه السلام : إن كان استكرهها فعليه كفّارتان ، وإن كانت طاوعته فعليه كفّارة وعليها كفّارة ، وإن كان أكرهها فعليه ضرب خمسين سوطاً نصف الحدّ ، وإن كان طاوعته ضُرِب خمسة وعشرين سوطاً وضُرِبت خمسة وعشرين سوطاً» (٢).

ولكن موردها الجماع ، ولا دليل على التعدّي إلى سائر المفطرات ، على أنّها ضعيفة السند من جهات ولا أقلّ من جهة مفضّل الذي هو ثابت الضعف ، من

__________________

(١) الوسائل ١٠ : ٢٤٨ / أبواب أحكام شهر رمضان ب ٢ ح ١.

(٢) الوسائل ١٠ : ٥٦ / أبواب ما يمسك عنه الصائم ب ١٢ ح ١.

۵۳۲