دلّت بمفهوم الغاية الذي هو أوضح المفاهيم على ارتفاع الحكم بعد الزوال ، ولكنّها ضعيفة السند بأبي عبد الله الرازي الجاموراني ، الذي ضعّفه ابن الوليد (١) والشيخ الصدوق (٢) وغيرهما ، واستثنوا من روايات يونس ما يرويه عنه ، فهي غير قابلة للاستناد.
ثانيهما : موثّقة ابن بكير : عن الرجل يجنب ثمّ ينام حتّى يصبح ، أيصوم ذلك اليوم تطوّعاً؟ «فقال : أليس هو بالخيار ما بينه وبين نصف النهار؟!» (٣).
وهذه الرواية المعتبرة لم يتعرّض لها الهمداني ولا غيره ، بل اقتصروا على الرواية الأُولى الضعيفة مع أنّها أولى بالتعرّض.
وكيفما كان ، فقد دلّت على المفروغيّة عن التحديد بنصف النهار بحيث كأنّه من المسلّمات ، فتكون معارَضة بالمعتبرتين الدالّتين على امتداد الوقت العصر.
والذي ينبغي أن يقال : إنّ هذه الموثّقة غايتها الظهور في عدم الجواز ، إذ الإمام عليهالسلام بنفسه لم يذكر أمد الخيار ابتداءً ، بل أوكله إلى ما يعلمه السائل وجعله مفروغاً عنه بقوله عليهالسلام : «أليس» إلخ ، فهي ظاهرة في تحديد النيّة للصوم بجميع مراتبه بنصف النهار ولا تزيد على الظهور في التحديد المزبور.
ولكن موثقة أبي بصير صريحة في جواز التجديد بعد العصر ، فطبعاً ترفع اليد عن ظهور تلك الرواية ، وتحمل على ارادة تحديد نية الصوم بمرتبته العليا.
ومحصّل المراد : أنّ تجديد النيّة بعد الزوال لا يبلغ في الفضل مرتبته قبل الزوال ، فإنّ الثاني بمنزلة النيّة من الفجر ويُحتسَب له تمام اليوم ، بخلاف الأول ، فإنّه
__________________
(١) لاحظ رجال النجاشي : ٣٤٨ / ٩٣٩ ، الفهرست : ١٤٤ / ٦٢٢.
(٢) لاحظ رجال النجاشي : ٣٤٨ / ٩٣٩ ، الفهرست : ١٤٤ / ٦٢٢.
(٣) الوسائل ١٠ : ٦٨ / أبواب ما يمسك عنه الصائم ب ٢٠ ح ٢.