وإذا حكم الطبيب بأنّ الصوم مضرّ وعلم المكلّف من نفسه عدم الضرر يصحّ صومه ، وإذا حكم بعدم ضرره وعلم المكلّف أو ظنّ كونه مضرّاً وجب عليه تركه ولا يصحّ منه (١).


(١) قد عرفت أنّ المستفاد من الآية المباركة والروايات أنّ موضوع الإفطار هو المرض ، ولكن لا من حيث هو ، بل بما أنّه مضرّ ، فالعبرة في الحقيقة بالضرر ، ولذا تقدّم أنّ النسبة عموم من وجه ، وقد عرفت أنّ طريق إحرازه الخوف ، ولكنّه غير منحصر فيه ، فلو فرضنا ثبوته بطريقٍ آخر من بيّنة أو نحوها ترتّب الحكم ، لعدم دلالة رواية الأرمد على الحصر.

وعليه ، فلو أخبر الطبيب بالضرر وهو حاذق ثقة وجب اتباعه ، لقيام السيرة العقلائية على الرجوع إلى أهل الخبرة من كلّ فن.

فقول الطبيب حجّة وإن لم يحصل الخوف ، كما أنّه لو حصل الخوف الوجداني من قوله وإن لم يكن حاذقاً ترتّب الإفطار ، فكما أنّ الضرر يثبت بالخوف يثبت بقول الطبيب من أهل الخبرة.

نعم ، إذا اطمأنّ بخطئه فضلاً عن العلم الوجداني بالخطإ الذي فرضه في المتن لم يسمع قوله ، فإنّ قوله بما هو ليس بحجّة وإنّما هو طريق إلى الواقع ، فلو علم بخلافه أو اطمأنّ بخطئه فليس له الإفطار.

ولو انعكس الأمر فأخبر بعدم الضرر ، ولكن قام طريق آخر على الضرر وهو خوف المكلّف نفسه فضلاً عن علمه أو ظنّه ، وجب عليه ترك الصوم حينئذٍ ولم يصحّ منه ، لدلالة النصوص المتقدّمة على أنّه مؤتمن عليه مفوضّ إليه وأنّ الإنسان على نفسه بصيرة ، فمع تشخيصه الضرر لا يُصغى إلى قول الطبيب الذي يُطمأنّ بخطئه ، بل يكفي مجرّد الخوف كما عرفت ، لرجوع الأمر إلى المكلّف نفسه.

۵۳۲