وجوب التيمّم ، ومعلومٌ أنّه ليس بمعنى الخوف من الهلاك فقط ، بل الغالب فيه خوف المرض والضرر ونحو ذلك.

فمن استقصاء هذه الموارد يكاد يطمئنّ الفقيه بأنّ الاعتبار بمجرّد الخوف ، وهو كافٍ في إحراز الضرر المسوّغ للإفطار ، ولا يعتبر الظنّ فضلاً عن العلم.

بقي هنا شي‌ء ، وهو أنّ موضوع الحكم في الكتاب والسنّة هو المريض ، وظاهره بطبيعة الحال هو المريض الفعلي كما في المسافر ، فالمحكوم بالإفطار هو من كان مريضاً أو مسافراً بالفعل ، فإذن ما هو الدليل على جواز الإفطار للصحيح الذي يخاف من حدوث المرض لو صام؟

الدليل عليه أمران :

الأوّل : أنّه يستفاد ذلك من نفس هذه الأخبار ، فإنّ تجويز الإفطار للمريض لا يستند إلى مرضه السابق ، ضرورة عدم تأثيره فيما مضى ، إذ لا علاقة ولا ارتباط للصوم أو الإفطار الفعليّين بالإضافة إلى المرض السابق ، وإنّما هو من أجل سببيّة الصوم وإيجابه للمرض بقاءً بحسب الفهم العرفي ، ولا أثر له في رفع السابق كما هو ظاهر.

وعليه ، فلا فرق بين الوجود الثاني والوجود الأوّل أي الحدوث لوحدة المناط فيهما.

الثاني : أنّه يستفاد ذلك من صحيحة حريز المتقدّمة الواردة في الرمد ، فإنّ قوله عليه‌السلام : «إذا خاف على عينيه من الرمد» إلخ ، ظاهرٌ في الحدوث ، أي يخاف أنّه إذا صام يحدث الرمد ، لا أنّه يخاف من شدّته أو بطء برئه ونحو ذلك كما لا يخفى ، فإذا كان الحكم في الرمد كذلك ففي غيره بطريق أولى.

۵۳۲