ومحصّل المطلب : أنّ من فعل المفطر بتخيّل عدم طلوع الفجر أو بتخيّل دخول الليل بطل صومه في جميع الصور ، إلّا في صورة ظنّ دخول الليل مع وجود علّة في السماء من غيم أو غبار أو بخار (١) أو نحو ذلك ، من غير فرق بين شهر رمضان وغيره من الصوم الواجب والمندوب.
وفي الصور التي ليس معذوراً شرعاً في الإفطار ، كما إذا قامت البينة على أنّ الفجر قد طلع ومع ذلك أتى بالمفطر ، أو شكّ في دخول الليل أو ظنّ ظنّاً غير معتبر ومع ذلك أفطر ، يجب الكفّارة أيضاً فيما فيه الكفّارة.
أو الجامع بينهما ، وفصّل بعضهم كابن إدريس (٢) بين الظنّ القوي والضعيف.
وكيفما كان ، فلا بدّ من التكلّم في مقامين : أحدهما في أصل جواز الإفطار وعدمه. والآخر في وجوب القضاء لو أفطر.
أمّا الأوّل : فلا ينبغي الإشكال في عدم جواز الإفطار ما لم يتيقّن ولو يقيناً تعبّدياً مستنداً إلى حجّة شرعيّة بدخول الوقت ، لاستصحاب بقاء النهار وعدم دخول الليل الذي هو موضوع لوجوب الإمساك فلو أفطر والحال هذه : فإن انكشف أنّه كان في الليل فلا اشكال ، غايته أنّه يجري عليه حكم المتجرّي ، وإن لم ينكشف فضلاً عمّا لو انكشف الخلاف وجبت عليه الكفّارة والقضاء ، لأنّه أفطر في زمانٍ هو محكوم بكونه من النهار شرعاً بمقتضى التعبّد الاستصحابي.
وقد تعرّضنا لهذه المسألة في كتاب الصلاة واستشهدنا بجملة من الروايات
__________________
(١) الأحوط اختصاص الحكم بالغيم.
(٢) السرائر ١ : ٣٧٧ ٣٧٨.