الاقتصار على المقدار المعلوم كما أفاده في المتن.

أمّا الأوّل : فلأصالة البراءة عن وجوب الكفّارة الذي هو حكم جديد زائداً على المقدار المعلوم ، وهذا من غير فرق بين كون النسيان الفعلي مسبوقاً بالذكر في ظرفه وعدمه ، إذ العبرة في جريان الأصل بظرف الشكّ والحالة الفعليّة ، ولا عبرة بالعلم السابق الزائل ، لدوران التنجيز مدار وجود المنجّز حدوثاً وبقاءً كما هو مقرّر في الأُصول.

وأمّا الثاني : فقد يقال : إنّ التكليف بالصوم قد تنجّز في ظرفه ويُشكّ في الخروج عن عهدته ، للشكّ في حصول الامتثال بعدد الاشتغال ، ومعلوم أنّ قاعدة الحيلولة المقرّرة في الصلاة غير جارية في الصوم ، فلا مناص من الاحتياط في القضاء بالإتيان بالمشكوك فيه قضاءً ، لقاعدة الاشتغال.

ولا يخفى أنّ هذا التقرير وجيه لو قلنا بتبعيّة القضاء للأداء ، بدعوى انحلال الأمر الحادث في الوقت إلى أمرين : أمر بالطبيعي الجامع ، وأمر آخر بإيقاع ذاك الطبيعي في الوقت ، فإذا خرج الوقت وشكّ في الامتثال فالأمر الثاني ساقط جزماً ، وأمّا الأوّل فبما أنّه يُشكّ في سقوطه فلا محيص عن الاحتياط تحصيلاً للقطع بالفراغ.

إلّا أنّ هذا المبنى بمعزل عن التحقيق ، والصواب أنّ القضاء بأمرٍ جديد كما سبق في محلّه (١) وأنّه ليس في الوقت إلّا أمر واحد متعلّق بالطبيعة الخاصّة وهي الإتيان بالعمل في وقته ، وأنّ الانحلال على خلاف ظواهر الأدلّة جدّاً ، إذا لا يستفاد من قوله تعالى ﴿كُتِبَ عَلَيْكُمُ الصِّيامُ (٢) إلى قوله : ﴿فَمَنْ شَهِدَ مِنْكُمُ

__________________

(١) شرح العروة (كتاب الصلاة) ٥ : ١١.

(٢) البقرة ٢ : ١٨٣.

۵۳۲