بعد حملها كما عن الشيخ قدس‌سره (١) على إتيان الأهل على وجه محرّم كحال الحيض وبعد الظهار قبل الكفّارة ، واحتمل قدس‌سره أيضاً أن يكون المراد بالواو التخيير دون الجمع ، كما احتمل أيضاً الحمل على الاستحباب ، جمعاً بينها وبين نصوص التخيير.

والجواب عنها ظاهر :

أمّا أوّلاً : فبأنّ هذه الموثّقة مرويّة في كتاب النوادر لأحمد بن محمّد بن عيسى ، عن عثمان بن عيسى ، عن سماعة بلفظه «أو» دون الواو كما تقدّم نقلها قريباً (٢) ، فإنّها عين الرواية السابقة ، فلعلّ نسخة الشيخ المشتملة على الواو مغلوطة ، ولا يبعد أن يقال : إنّ كتاب أحمد بن محمّد بن عيسى أقرب إلى الصحّة ، لكونه أقدم.

وكيفما كان ، فلم يثبت صدورها بلفظة الواو كي تصلح للاستدلال.

وثانياً : لو سُلّم اشتمالها على كلمة الواو فبما أنّ حملها على التخيير وكونها بمعنى «أو» خلاف الظاهر فهي معارضة لا محالة لنصوص التخيير ، والجمع بينهما بحمل هذه على الإفطار بالحرام وتلك بالحلال جمعٌ تبرّعي لا شاهد له بعد أن كان التعارض بالإطلاق.

نعم ، لو ثبت من الخارج كفّارة الجمع في الإفطار بالحرام كان ذلك شاهداً للجمع المزبور ، وخرج عن كونه تبرّعيّاً ، وإلّا فبنفس هذه الرواية لا يمكن إثبات كفّارة الجمع في المحرّم ، إذ لا وجه لحمل أحد المطلقين المتعارضين على صنف والآخر على صنف آخر من غير قرينة تقتضيه ، فإمّا أن تُلغى هذه الموثّقة لعدم مقاومتها مع نصوص التخيير كما لا يخفى ، أو تُحمَل على الأفضليّة.

__________________

(١) التهذيب ٤ : ٢٠٨ ٢٠٩.

(٢) نوادر أحمد بن محمّد بن عيسى : ٦٨ / ١٤٠. وقد تقدّمت في ص ٣١١.

۵۳۲