وأمّا القضاء فليس من آثار الفعل لينتفي أيضاً ويكون في سعة من ناحيته ، وإنّما هو من آثار ترك المأمور به ، ولا تعرّض للرواية للتوسعة من هذه الناحية أبداً لتدلّ على الصحّة والإجزاء ، بل يمكن أن يقال : إنّ مفاد هذه الرواية خصوصاً بقرينة ما كان محلّاً للابتلاء سابقاً من الحلف أمام القضاة وحكّام الجور لإنجاء نفس مؤمن أو ماله من ظالم ، كما ربّما يشير إليه ما ورد من قوله عليه‌السلام : «احلف بالله كاذباً وأنج أخاك» (١) ليس إلّا رفع التكليف والتوسعة من ناحية المؤاخذة فقط ، نظير قوله عليه‌السلام : «الناس في سعة ما لا يعلمون» (٢) ولا نظر فيها إلى جهة أُخرى حتّى مثل الكفّارة.

وكيفما كان ، فقد تحصّل : أنّ شيئاً من أدلة التقيّة لا تفي بالإجزاء فيما عدا باب الصلاة ومقدّماتها ، فلا بدّ من الرجوع إلى ما تقتضيه القاعدة ، وقد عرفت أنّ مقتضاها عدم الإجزاء ، عملاً بإطلاق أدلّة الإجزاء والشرائط والموانع.

هذا ، وربّما يقرّب الإجزاء في المقام وغيره بأنّ ما دلّ على مشروعيّة التقيّة بل وجوبها وأنّها من الدين إنّما هو باعتبار انطباقها على نفس العمل المأتي به خارجاً ، الفاقد للجزء أو الشرط أو المشتمل على المانع ، فإذا كان العمل بنفسه مصداقاً للتقيّة وواجباً بل من الدين كما نطقت به النصوص كان لا محالة مأموراً به بالأمر الاضطراري ، ومن المقرّر في محله إجزاؤه عن الأمر الواقعي ، ولا سيّما بالنسبة إلى القضاء ، لعدم فوات شي‌ء منه ، فلا موضوع له.

وبالجملة : الوضوء مع غسل الرجلين مثلاً لو كان مأموراً به بنفسه فهو بأمر اضطراري ، والإجزاء في مثله لا يحتاج إلى دليل خاصّ ، بل هو مقتضى

__________________

(١) الوسائل ٢٣ : ٢٢٥ / كتاب الايمان ب ١٢ ح ٤.

(٢) لاحظ الوسائل ٣ : ٤٩٣ / كتاب الطهارة ب ٥٠ ح ١١ ، وج ٢٤ : ٩٠ / كتاب الصيد والذبائح ب ٣٨ ح ٢ ، وج ٢٥ : ٤٦٨ / كتاب اللقطة ب ٢٣ ح ١.

۵۳۲