تكليف بالمتناقضين ، إذ الأوّل متقوّم بالإمساك عن القي‌ء فكيف يؤمَر بالقي‌ء وبالإمساك عنه؟! وهذا ظاهر.

إنّما الكلام في أنّه هل يمكن ذلك على نحو الترتّب كما في سائر موارد المتضادّين مثل الصلاة والإزالة ونحوهما؟ حيث ذكرنا في محلّه أنّ الأمر الترتّبي أمرٌ معقول ، ومجرّد إمكانه كافٍ في الوقوع من غير حاجة الى التماس دليل عليه بالخصوص ، بل يكفي فيه إطلاقات الأدلّة ، فهل يمكن في المقام الأمر بالقي‌ء أو لا؟

لعلّ المشهور عدم الإمكان كما ذكره الماتن فإنّ الإفطار والإمساك ضدّان لا ثالث لهما ، إذ لا واسطة بين القي‌ء وبين الإمساك عن القي‌ء ، فكلّ منهما مفروض الوجود لدى ترك الآخر بطبيعة الحال ، ومعه كيف يمكن الأمر بأحدهما لدى ترك الآخر؟! وهل هذا إلّا من تحصيل الحاصل ، نظير الأمر بالسكون وبالحركة على تقدير ترك السكون ، فإنّ ترك السكون هو الحركة ، فمعناه : تحرّك عند الحركة ، وهو كما ترى. فلا مناص من الالتزام ببطلان الصوم في المقام سواء تقيّأ أم لم يتقيّأ.

ولكن الصحيح كما مرّ سابقاً إمكان الترتّب في أمثال المقام ، لكونهما من الضدّين اللّذين لهما ثالث ، فإنّ المأمور به بالخطاب الترتّبي هو الإمساك التعبدي لا طبيعي الإمساك ، فالواجب هي الحصّة الخاصّة منه ، ولأجله كان لهما ثالث وهو الإمساك لا بقصد القربة. وعليه ، فلا مانع من أن يؤمَر أولاً بالقي‌ء ، وعلى تقدير عصيانه يؤمَر بالإمساك عنه عن قربة ، نظير أن يقال : قف وإلّا تحرّك نحو الجانب الشرقي ، فإنّ تحصيل الحاصل الممتنع هو الأمر بالحركة مطلقاً لا مقيّداً بقيد خاصّ كالتقييد بالعباديّة في المقام. وعليه ، فلا يكون الصوم باطلاً في المقام إلّا بالتقيّؤ خارجاً لا بمجرّد الأمر به.

۵۳۲