ولم ترد رواية تدلّ على المنع ، والآية المباركة أيضاً لا تقتضيه ، فإنّ قوله تعالى ﴿فَمَنْ كانَ مِنْكُمْ مَرِيضاً أَوْ عَلى سَفَرٍ إلخ (١) ، ناظرٌ إلى أنّ المسافر لا يجب عليه صوم رمضان ، لا أنّه لا يصحّ منه صوم آخر وأنّ الشهر لا يكون قابلاً لما عداه ، فهي أجنبيّة عن التعرّض لصوم النذر وغيره بالكلّيّة ، فليس لدينا أيّ دليل يدلّ على المنع ، فنبقى نحن ومقتضى القاعدة ، ولا ريب أنّ مقتضاها هو الجواز ، أخذاً بإطلاق دليل وجوب الوفاء بالنذر المتعلّق بالصوم في السفر بعد الفراغ عن صحّة هذا النذر في نفسه كما هو المفروض الشامل لما إذا كان السفر في رمضان.

وعليه ، فالأقوى صحّة الصوم المزبور بل وجوبه ، عملاً بالنذر ، إلّا أن يقوم إجماعٌ على الخلاف ، وقد عرفت الحال فيه.

الثالثة : ما إذا كان مكلّفاً بالصيام من شهر رمضان.

والبحث هنا يقع في جهات :

الاولى : هل الصوم في شهر رمضان معنون بعنوان خاصّ يجب قصده لدى التصدّي لامتثاله فلا يكفي مجرّد صوم الغد ، أو أنّه عارٍ عن العنوان وغير متقيّد بشي‌ء؟

فصّل في المتن بين صورتي العلم بعدم صحّة غير رمضان في رمضان والجهل بذلك ، فيكفي صوم الغد في الأوّل ولا حاجة إلى قصد خصوصيّة رمضان بعنوانه الخاصّ ، بل يكفي تعلّق القصد بطبيعي الصوم.

وهذا بخلاف الثاني ، إذ مع الجهل وتخيّل صحّة صوم آخر فيه فللصوم في هذا الشهر أقسامٌ بنظره ولم يقصد قسماً خاصّاً ، ولأجله احتاط في كفاية صوم الغد

__________________

(١) البقرة ٢ : ١٨٤.

۵۳۲