هذه الموثّقة وبين النصوص المتقدّمة.

وحينئذٍ ، فإن قلنا بأنّ الطائفة المانعة روايات مستفيضة مشهورة بحيث يُعلَم أو يُطمَأن بصدور بعضها عن الإمام عليه‌السلام ولو إجمالاً ، وهذه رواية شاذّة لا تنهض للمقاومة معها ، فتطرح بطبيعة الحال.

وإن أغمضنا عن ذلك فلا محالة تصل النوبة إلى الترجيح ، الذي هو منحصر في الترجيح بموافقة الكتاب أو مخالفة العامّة.

أمّا الكتاب : فلدى عرضهما عليه لم نجد فيه شاهداً لشي‌ء منهما ، بل لم يذكر فيه من أحكام الصوم إلّا الشي‌ء اليسير ، كالاجتناب عن الأكل والشرب بمقتضى قوله تعالى ﴿كُلُوا وَاشْرَبُوا حَتّى يَتَبَيَّنَ إلخ (١) ، وعن النساء بمقتضى قوله تعالى ﴿أُحِلَّ لَكُمْ لَيْلَةَ الصِّيامِ الرَّفَثُ إلخ (٢) ، وأمّا غير ذلك ومنه الارتماس فليس فيه منه عين ولا أثر.

وأمّا العامّة : فالذي يظهر منهم كما في الفقه على المذاهب الأربعة (٣) أنّ أحداً منهم لم يقل بالبطلان.

نعم ، الحنابلة منهم ذهبوا إلى الكراهة إذا لم يكن الارتماس للتبريد أو للغسل (٤).

وهذا هو المناسب لقوله عليه‌السلام في الموثقة : «ولا يعودن» أي أنّه لا يبطل ، ولذا لا قضاء عليه ، ولكن لا يعودنّ إلى ذلك لمكان الكراهة. إذن فتكون الموثّقة موافقة لهم فتُحمَل على التقيّة وتُطرَح ، لأنّ الرشد في خلافهم ، ويكون الرجحان للطائفة المانعة.

__________________

(١) البقرة ٢ : ١٨٧.

(٢) البقرة ٢ : ١٨٧.

(٣) الفقه على المذاهب الأربعة ١ : ٥١٣ ٥١٦.

(٤) الفقه على المذاهب الأربعة ١ : ٥١٨.

۵۳۲