التعمّد إليه كما سيجي‌ء إن شاء الله تعالى (١) ، المنتفي في المقام بعد فرض الشكّ في المطابقة.

أقول : بل الظاهر هو البطلان ، لصدق العمد بعد تنجّز الاحتمال ، لأجل كونه من أطراف العلم الإجمالي ، الذي لا مجال معه للرجوع إلى أصالة البراءة ، حيث إنّه يعلم إجمالاً بكذب أحد الأمرين إمّا ذاك الخبر المفروض أو نقيضه ، وإنّ أحد الإسنادين إلى الإمام عليه‌السلام مخالفٌ للواقع جزماً ، فمثلاً : لو فرض أنّ الخبر المشكوك مطابقته للواقع هو أنّ الصادق عليه‌السلام قال : إنّ الشي‌ء الفلاني حرام ، فيعلم إجمالاً بعدم مطابقة أحد الخبرين للواقع أمّا هذا الخبر ، أو خلافه وهو أنّه قال الصادق عليه‌السلام : الشي‌ء الفلاني بعينه حلال وأنّ أحدهما كذب قطعاً ، فبالعلم الإجمالي يتنجّز الواقع لا محالة ، ولا مجال معه للرجوع إلى أصالة البراءة.

ونتيجة ذلك : أنّه يكون قد تعمّد الكذب اختياراً على تقدير كون الخبر مخالفاً للواقع ، نظير ما لو علم إجمالاً أنّ أحد الإناءين خمر ، فشرب أحدهما وصادف الواقع ، فإنّ الإقدام مع الاحتمال غير المقرون بالمؤمّن الموجب لتنجّز الواقع كافٍ في صدق العمد إلى شرب الخمر. ففي أيّ موردٍ أقدم مع تنجّز الواقع فقد تعمّد ، سواء أكان في موارد العلم الإجمالي أو الشبهات قبل الفحص.

ففي المقام إذا انكشف مخالفة الخبر للواقع واتّصافه بالكذب فقد تعمّد الكذب حينئذٍ وبطل صومه ، بل هو باطل وإن لم ينكشف ، لأنه مع هذا العلم الإجمالي قاصدٌ للكذب على تقدير مخالفة الواقع كما عرفت ، فيوجب ذلك إخلالاً بنيّة الصوم ، لأنّ اللازم على الصائم نيّة الإمساك عن جميع المفطرات في جميع الآنات وعلى جميع التقادير ، والمفروض أنّه غير ناوٍ للإمساك عن الكذب على تقدير

__________________

(١) في ص ٢٦٥.

۵۳۲