جدّاً عدم كونه مشمولاً لإطلاقات الأكل والشرب ، فإنّها منصرفة عن مثله بالضرورة ، إذ المنسبق إلى الذهن منها إرادة المطعوم والمشروب الخارجي ، لا ما يشمل المتكوّن في جوف الإنسان بحسب طبعه وخلقته ، ولذا لو نهى الطبيب مريضه عن الأكل والشرب في هذا اليوم أو في ساعة خاصّة لا يفهم منه المنع عن ابتلاع البُصاق جزماً ، فلا ينبغي التأمّل في انصراف المطلقات عن بلع البُصاق المجتمع وإن كان اجتماعه بفعل ما يوجبه ، كتذكّر الحامض مثلاً.

ومع التنزّل وتسليم منع الانصراف فلا أقلّ من عدم ظهور الأدلّة في الإطلاق ، والمرجع حينئذٍ أصالة البراءة عن وجوب الإمساك عنه ، فهي إمّا ظاهرة في عدم الشمول بمقتضى الانصراف كما عرفت ، أو أنّها غير ظاهرة في الشمول ومجملة من هذه الجهة ، وعلى التقديرين لا يمكن الاستناد إليها في المنع عن البلع.

هذا مضافاً إلى دلالة بعض النصوص على الجواز ، وهو خبر زيد الشحّام عن أبي عبد الله عليه‌السلام : في الصائم يتمضمض ، «قال : لا يبلع ريقه حتّى يبزق ثلاث مرّات» (١).

ولكن الرواية ضعيفة بأبي جميلة المفضّل بن صالح ، فلا تصلح إلّا للتأييد ، ولا حاجة إليها بعد أن كان الحكم مطابقاً لمقتضى القاعدة حسبما عرفت.

نعم ، الأحوط الترك مع تعمّد السبب ، فإنّ المستند لو كان هو الإجماع والسيرة العمليّة فشمولهما لهذه الصورة غير ظاهر ، بل المتيقّن من موردهما غير ذلك كما لا يخفى.

نعم ، لو كان المستند قصور الإطلاقات والرجوع إلى أصل البراءة لم يكن فرقٌ حينئذٍ بين الصورتين ، وعلى أيّ حال فالاحتياط ممّا لا ينبغي تركه.

__________________

(١) الوسائل ١٠ : ٩١ / أبواب ما يمسك عنه الصائم ب ٣١ ح ١.

۵۳۲