الثانية : من اشتغل بالعبادة في مكة تمام ليلته أو تمام الباقي من ليلته إذا خرج من منى بعد دخول الليل (١).


والحرج ، لارتفاع الأحكام والتكاليف الشرعية في موارد الضرر والحرج.

(١) وتدل عليه عدّة من النصوص المعتبرة :

منها : صحيحة معاوية بن عمار «عن رجل زار البيت فلم يزل في طوافه ودعائه والسعي والدعاء حتى طلع الفجر ، فقال : ليس عليه شي‌ء كان في طاعة الله عزّ وجلّ» (١) والمستفاد منها الاشتغال بالعبادة ولو بغير الطّواف والسعي ، فلا خصوصية لهما ، لأن الظاهر من التعليل كون الشخص مشغولاً بالعبادة وبطاعة الله تعالى ، فلا يفرق بين كونه مشغولاً بالطواف أو بالصلاة أو بقراءة القرآن ونحو ذلك ، ففي الحقيقة يجوز تبديل عبادة إلى أُخرى ، ولو كان الأمر مختصاً بالطواف والسعي فلا وجه للتعليل.

ثم إنه لا يلزم في الاشتغال بالعبادة أن يكون مشغولاً بالعبادة من أول الليل إلى آخره ، بل يجوز له الخروج من منى بعد العشاء ويشتغل بالعبادة بقية الليل ، وإن مضى شطر من الليل وهو في منى ، ويدلُّ على ذلك صحيحة معاوية بن عمار لقوله : «فان خرجت أوّل الليل فلا ينتصف الليل إلّا وأنت في منى إلّا أن يكون شغلك نسكك» (٢) فإنه يظهر من هذا بوضوح أنه يجوز له الخروج في الليل قبل النصف ، وأنه لو خرج قبل النصف واشتغل بقية الليل بالعبادة ، فليس عليه شي‌ء ، وإنما الممنوع أن يخرج ولا يرجع قبل النصف ولا يشتغل بالعبادة ، وأمّا إذا خرج في الليل ورجع قبل النصف أو لم يرجع ولكن اشتغل بالعبادة فليس عليه شي‌ء ، وأيضاً يستفاد هذا المعنى من صحيحة أُخرى لمعاوية بن عمار «وسألته عن الرجل زار عشاء فلم يزل في طوافه ودعائه وفي السعي بين الصفا والمروة حتى يطلع الفجر؟ قال : ليس عليه شي‌ء كان في

__________________

(١) الوسائل ١٤ : ٢٥٥ / أبواب العود إلى منى ب ١ ح ١٣.

(٢) الوسائل ١٤ : ٢٥٤ / أبواب العود إلى منى ب ١ ح ٨.

۵۰۰