مسألة ٤٠٥ : من أراد الحلق وعلم أن الحلاق يجرح رأسه فعليه أن يقصّر أوّلاً ثم يحلق (١).
وآله وسلم) في تلك السنة كان حج صرورة إذ لم يحجّوا قبل ذلك ، ومع ذلك خيّرهم الله تعالى بين الحلق والتقصير ، أي تدخلون المسجد الحرام بعد أعمال الحج ومناسك منى قد حلق بعضكم رأسه وقصّر بعضكم (١)
(١) لو علم بخروج الدم عند الحلق لا يجوز له اختيار الحلق ، بل لا بدّ له أن يختار الشق الآخر للواجب التخييري وهو التقصير ، لأن إخراج الدم محرّم فلا يجوز له الامتثال بالفرد المستلزم للحرام ، بل عليه أن يختار الفرد الذي لم يستلزم الحرام وهو التقصير.
__________________
(١) لا يخفى أنّ ما ذكره سيِّدنا الأُستاذ (دام ظله) في تفسير هذه الآية الشريفة وبيان المراد منها لم يسبق إليه أحد من المفسِّرين ولا من الفقهاء فيما نعلم ، فإنهم ذكروا في تفاسيرهم ما ينطبق هذه الآية الشريفة على العمرة المفردة ، فقد قالوا إن الله تعالى لما أرى نبيه صلىاللهعليهوآلهوسلم في المنام بالمدينة أن المسلمين دخلوا المسجد الحرام فأخبر بذلك أصحابه فانصرفوا إلى مكة لأداء العمرة المفردة في السنة السادسة من الهجرة ، فلما وصل صلىاللهعليهوآلهوسلم هو وأصحابه إلى الحديبية التي تسمّى في زماننا هذا بـ (شميسي) قريب من مكة على طريق المدينة ، وقع صلح الحديبية المعروف فيها فرجع رسول الله صلىاللهعليهوآله ولم يدخلوا مكة ، فقال المنافقون ما حلقنا ولا قصّرنا ولا دخلنا المسجد الحرام.
وروى أن بعض الأصحاب قال : ما شككت في الإسلام إلّا في ذلك الوقت ، فجاء إلى النبي صلىاللهعليهوآله وقال : يا رسول الله أليس وعدتنا أن ندخل المسجد الحرام محلقين ومقصرين؟ فقال له رسول الله صلىاللهعليهوآله قلت لكم إنّا ندخلها العام؟ فقال : لا فقال : صلىاللهعليهوآله فإنكم تدخلونها إن شاء الله ، فأنزل الله هذه الآية وأخبر سبحانه بأن ما أراه النبيّ صلىاللهعليهوآله هو الصدق والحق وليس بالباطل ، فلما كان ذو القعدة من السنة السابعة للهجرة اعتمروا ودخلوا المسجد الحرام كما وعدهم رسول الله صلىاللهعليهوآله [تفسير التبيان ٩ : ٣٣٢] فبناء على ما ذكر المفسرون تكون الآية أجنبية عن الاستدلال بها للحلق والتقصير الواردين في الحج ، ولكن ما ذكره الأُستاذ (أطال الله بقاءه) وجيه وقد سبقه المحقق الأردبيلي في آيات الأحكام [زبدة البيان في أحكام القرآن : ٢٨٩].