ولكن بما أنّ التخيير بين الأقل والأكثر لا معنى له كما لا يخفى ، فهي محمولة على أنّ المسافر إن كان في قرية فالعبرة بقريته ، وإلّا كما في أهل البوادي الساكنين في بيوت الشعر فمن منزله.

فالعبرة بأحد الأمرين حسب اختلاف الموردين على ما يقتضيه طبع السفر عرفاً بمقتضى سير الجمال والدواب ، فانّ الساكنين في القرى أو البلدان يتحقّق الركوب منهم للسفر في آخر القرية أو البلد غالباً ، وأمّا سكنة البر فمن منازلهم.

وكيف ما كان ، فالمستفاد من الروايات ومن نفس نصوص التحديد هو ما عرفت ، ولا شكّ أنّ مقتضى الإطلاق عدم الفرق في البلدان بين الصغيرة والمتوسطة والكبيرة ، وأنّ العبرة في جميعها بنفس البلدة.

ولكن الماتن قدس‌سره تبعاً لغيره جعل المدار في البلدان الكبار الخارقة للعادة بآخر المحلّة. وليس له وجه ظاهر ، بل هو مخالف للإطلاق كما عرفت وقد كانت الكوفة في زمانهم عليهم‌السلام كبيرة جدّاً كما يشهد به التاريخ وغيره ، ومع ذلك كان مبدأ الاحتساب نفس البلدة كما يشهد به حديث القادسية حسبما تقدّم (١).

وعلى الجملة : مقتضى الجمود على ظواهر النصوص تعميم الحكم لما إذا كانت البلدة صغيرة كالمدينة ، أو كبيرة كالكوفة ، أو متوسطة كغيرهما ، بعد أن لم يكن دليل على التقييد بالمحلّة في البلدان الكبيرة.

نعم ، ربّما يفرض بلوغ البلدة من الكبر حدّا خارقاً للعادة جدّاً بحيث يصدق على السير فيها عنوان السفر ، كما لو بلغ طولها خمسين فرسخاً أو مائة أو مائتين وإن لم يوجد مصداق لها لحدّ اليوم ، وربّما يتّفق في الأجيال القادمة ـ

__________________

(١) [الظاهر عدم تقدّم ما يدلّ على ذلك فلاحظ].

۴۴۱