ولا يخفى أنّ نصوص التمام قابلة للجمع مع أخبار التخيير ، بأن يحمل الأمر بالتمام على أفضل الأفراد ، فيرفع اليد عن ظهور الأمر في التعيين ويحمل على التخيير.

وأمّا نصوص القصر فلا يمكن حمل الأمر فيها على الجواز ، سيما المفضول من الفردين ، وإن احتمله الشيخ فحمل الأمر بالقصر على الجواز ، غير المنافي للتخيير (١).

على أنّ هذا لا يتم في مثل صحيحة أبي ولاد (٢) الواردة في المدينة ، لظهورها بل صراحتها في تعيّن القصر فيما بينه وبين شهر ما لم ينو المقام عشرة أيام.

نعم ، لو كانت نصوص التقصير منحصرة في هذه الصحيحة لأمكن الذبّ عن الإشكال ، بأن يقال : إنّ النظر في الجواب والسؤال معطوف على جهة العدول عن نيّة الإقامة ، والتفصيل بين الإتيان بالرباعية وعدمها ، فهي متعرّضة لبيان حكم عام لمطلق البلدان على سبيل الكبرى الكلّية ، مع قطع النظر وغمض العين عن خصوصية المورد. فلم ينظر الإمام عليه‌السلام إلى مورد الصحيحة وإنّما نظر إلى جهة السؤال ، أعني حيثية العدول عن نيّة الإقامة. ولكنّها غير منحصرة في ذلك كما ستعرف (٣).

وكيف ما كان ، فقد عرفت أنّ النصوص على طوائف ثلاث :

فممّا دلّ على التخيير جملة من الأخبار :

منها : صحيحة علي بن يقطين عن أبي الحسن عليه‌السلام : «في الصلاة بمكّة ، قال : من شاء أتمّ ومن شاء قصّر» (٤).

__________________

(١) التهذيب ٥ : ٤٢٧ ذيل ح ١٤٨٣ ، ٤٧٤ ذيل ح ١٦٦٨.

(٢) المتقدّمة في ص ٢٨٤.

(٣) في ص ٤٠٠.

(٤) الوسائل ٨ : ٥٢٦ / أبواب صلاة المسافر ب ٢٥ ح ١٠.

۴۴۱