استجماع قيود ثلاثة ، لا يعتبر شي‌ء منها في صدق الوطن العرفي ، وهي الإقامة ستّة أشهر ، وأن تكون في المنزل كما يقتضيه تذكير الضمير في «يستوطنه» ، وأن يكون المنزل ملكاً له كما يقتضيه لام التمليك في قوله عليه‌السلام : «إلّا أن يكون له ...» إلخ.

وبما أنّ من الواضح أنّ الوطن العرفي الاتخاذي لا يكون منوطاً بشي‌ء من ذلك ، لجواز اتخاذ مواطن عديدة شتائية وصيفية وربيعية وخريفية يقيم في كلّ منها في كلّ سنة ثلاثة أشهر ، كجواز التوطّن في بلد لا ملك له فيه أصلاً فضلاً عن السكونة فيه ، فلا يكون المذكور في الصحيحة منطبقاً على الوطن العرفي بوجه.

وقد عرفت وجه استفسار ابن بزيع والنكتة الباعثة لاستيضاحه وأنّها الاستغراب الناشئ من تقييد الاستيطان بالمنزل ، الذي هو أمر لم يتعاهده العرف من معنى الوطن لا ابن بزيع ولا غيره ، وأنّه كان عليه عليه‌السلام التفسير والبيان وإن لم يسأل معناه ، لكونه مجهولاً عند أهل العرف كما عرفت.

ومن المعلوم أنّ تفسيره عليه‌السلام راجع إلى مادة الاستيطان ، وإلّا فهيئة الاستفعال التي هي بمعنى الاتخاذ واضح لا يحتاج إلى السؤال ، ففسّر عليه‌السلام نفس الوطن ، وأنّه عبارة عن الإقامة ستّة أشهر في المنزل المملوك له ، وأنّه بذلك تصبح القرية أو الضيعة أو البلد وطنه الشرعي ، المحكوم بلزوم الإتمام متى دخل ، فتدلّ الصحيحة على مذهب المشهور بوضوح.

ومنه تعرف أنّ الاتخاذ والقصد ممّا لا بدّ منه ، رعاية لهيئة الاستفعال ، ومتعلّقه الإقامة ستّة أشهر كما يقتضيه رجوع التفسير إلى المادة حسبما ذكرناه.

وأمّا تعبير الإمام عليه‌السلام بصيغة المضارع في قوله عليه‌السلام : «يستوطنه» وقوله عليه‌السلام : «يقيم» فالظاهر أنّ الوجه فيه المفروغية عن

۴۴۱