الثاني : أنّ جملة من نصوص الإغماء قد اشتملت على قوله : كلّ ما غلب الله عليه فهو أولى بالعذر (١) الذي هو بمنزلة التعليل للحكم. وواضح أنّ العلّة يدور مدارها المعلول وجوداً وعدماً ، فيختصّ الحكم بسقوط القضاء بموارد ثبوت العلّة ، وهي استناد الإغماء المستوجب لفوت الصلاة في الوقت إلى غلبة الله وقهره ، دون المكلّف نفسه. وبذلك يقيّد الإطلاق في سائر النصوص العارية عن التعليل ، عملاً بقانون الإطلاق والتقييد.
بل إنّ صاحب الحدائق قدسسره تعدّى عن ذلك فجعل العلّة المذكورة مقيّدة للمطلقات الواردة في باب الحيض والنفاس ، فالتزم بثبوت القضاء على الحائض والنفساء إذا حصل العذر بفعلهما ، أخذاً بعموم العلة (٢).
وعليه فنصوص المقام قاصرة عن شمول السبب الاختياري ، فيشمله عموم أدلّة القضاء السالم عن المخصّص.
واعترض المحقّق الهمداني رحمهالله (٣) على هذا الوجه بمنع ظهور التعليل في العلّية المنحصرة المستتبعة للمفهوم حتّى يقيّد به الإطلاق في سائر الأخبار بل القضية الكلّية إنّما سيقت لبيان علّة نفي القضاء عند ترك الواجب في وقته لعذر الإغماء ونحوه من الأعذار الخارجة عن الاختيار ، وأنّ العلّة للحكم المذكور هي غلبة الله.
وأمّا حصر العلّة في ذلك كي يقتضي ثبوت القضاء في غير موردها أعني الإغماء المسبّب عن الاختيار فلا دلالة لها عليه فضلاً عن التعدّي عن المورد إلى سائر المقامات كالحائض والنفساء ممّا لا مساس له بمورد الحكم ، إذ لا مفهوم للتعليل المستفاد من تطبيق الكبريات على مصاديقها ، فمن الجائز أن يحكم بنفي القضاء في غير مورد العلّة أيضاً بملاك آخر ولعلّه اخرى.
__________________
(١) الوسائل ٨ : ٢٥٩ / أبواب قضاء الصلوات ب ٣ ح ٣ ، ٧ وغيرهما.
(٢) الحدائق ١١ : ١٢.
(٣) مصباح الفقيه (الصلاة) : ٦٠٠ السطر ١٦.