فاذن هذه الأخبار المذيّلة بالتعليل وإن لم تشمل السبب الاختياري لكنّها لا تنهض لتقييد المطلقات العارية عن الذيل ، فينبغي على هذا الحكم بالعموم في الجميع ، عملاً بتلكم المطلقات السليمة عن التقييد لولا دعوى الانصراف التي اعتمد عليها قدسسره كما مرّ.
أقول : ما أفاده قدسسره من عدم دلالة التعليل على السببية المنحصرة وإن كان صحيحاً ، فلا ينعقد للقضية مفهوم بالمعنى المصطلح كما في الشرط ونحوه ، فلا ينافي ثبوت الحكم في غير مورد العلّة بمناط آخر كاحترام شهر رمضان مثلاً (١) لكن لا ينبغي الشك في دلالته على أنّ طبيعي الإغماء لا يكون بنفسه موضوعاً لنفي القضاء ، وإلّا لكان التعليل بغلبة الله من اللغو الظاهر ، فاذا ورد دليل آخر تضمّن التصريح بأنّ موضوع الحكم هو الطبيعي على إطلاقه وسريانه كان معارضاً لهذا الدليل لا محالة.
وبعبارة اخرى : أنّ حيثية الإغماء ذاتية بالإضافة إلى الإغماء نفسه ، وحيثية استناده إلى غلبة الله سبحانه حيثية عرضية ، فلو كان المقتضي لنفي القضاء هو طبيعي الإغماء أعني الحيثية الذاتية لم يحسن العدول عنه في مقام التعليل إلى الجهة العرضية. فإذا فرضنا أنّ العالم يجب إكرامه لذاته لم يحسن حينئذ تعليل الوجوب المذكور بأنّه شيخ أو هاشمي أو من أهل البلد الفلاني ونحو ذلك.
فاذا بنينا على دلالة النصوص المذكورة على أنّ العلّة في نفي القضاء عن المغمى عليه هي غلبة الله في الوقت كما هو المفروض فطبعاً نستكشف من ذلك أنّ طبيعي الإغماء بذاته لا يستوجب نفي القضاء ، فإنّه وإن احتمل وجود علّة أُخرى للنفي أيضاً لما عرفت من عدم ظهور التعليل في الانحصار لكن ظهوره في عدم ترتّب الحكم على الطبيعي غير قابل للإنكار ، فلا محيص من رفع اليد عن المطلقات لأجل هذه النصوص الدالّة على أنّ الموجب لنفي القضاء
__________________
(١) [لعلّ المذكور لا يتناسب مع المورد ، لأنّ المورد هو عدم القضاء لا القضاء].